الكتاب

أنا إيجابي لكن العالم من حولي كله سلبي !

الجبيل اليوم | بقلم : م بدر الجهني 

أنا إيجابي ومتفائل لكن العالم من حولي كله سلبي !! هي عبارة اسمعها كثيرا عندما يدور نقاش مع الخريجين والخريجات أثناء وبعد تقديمي لدورة مفاتيح الحصول على وظيفة وخصوصا عندما يتطرق الحديث إلى بعض مشاكل سوق العمل مثل مشكلة توطين الوظائف أو نقل المعرفة أو سيطرة العلاقات الشخصية على عملية التوظيف أو اشتراط الخبرة وغيرها من المشكلات التي لا يكاد يخلو منها مجتمع. وغالبا ما تأتي هذه التساؤلات مشحونة بقدر كبير من الطاقة السلبية  وتلقي باللوم على قسوة الزمان وظلم المحسوبية وسوء الأحوال الاقتصادية وغيرها من الأسباب التي لا أنكر أبدا أنها تشكل واقعا  في ظروف عديدة وأزمنة مختلفة لكنها قطعا ليست قضائنا المحتوم الذي علينا أن نسلم به ونستسلم له.

قال لي أحدهم مرة عندما رأى إعلانا لأحد دوراتي على صفحة لينكدإن : يا بدر! أي مفاتيح تنفع في زمن كورونا؟! وقد أجبته بأن الفرص ربما تقل لكنها لا تنعدم  وأن الاحتياج الى الطاقات البشرية ربما يضعف لكنه حتما لايموت. الطريف أنه وفي نفس اليوم كلمني أحد الراغبين في الحضور يسأل إذا كانت الدورة ستساعده في المفاضلة بين اثنين من العروض التي حصل عليها مؤخرا وهل من المخاطرة  الانتقال الى وظيفة جديدة في زمن كورونا !. تمنيت أن صديقي الأول كان حاضرا للنقاش فسؤال السائل كان جوابا أبلغ من جوابي.

ومع  أنني على يقين بأن  المفاتيح الخمسة التي أقدمها للخريجين والخريجات ستفتح لهم – بعد توفيق الله – أبواب الفرص التي يستحقونها وستساعدهم على معرفة الطريقة الصحيحة للبحث عن وظيفة وكيفية الفوز بها ( طبعا بافتراض أن من يستخدم هذه المفاتيح يملك من المؤهلات والإمكانيات ما يجعله مناسبا لأداء دور وظيفي في مكان ما !) إلا أن هناك مفتاحا آخرمن غيره لن تنفع المفاتيح كلها ألا وهو مفتاح التفاؤل والثقة  بأن فرصة ما في الانتظار وأن يكون من يستخدم هذه المفاتيح إيجابيا بالقدر الذي يجعله يتجاوز كل العقبات بقناعة تامة  أنه لن تموت نفس قبل ان تستكمل رزقها الذي كتب الله لها.

رحلة البحث عن وظيفة (تماما مثل رحلة الحياة)  لا تحكمها الظروف الخارجية وإن كانت تؤثر فيها وتعرقل سيرها وربما تحرف مسارها لكن الذي يحكمها بالأساس هو مدى قوة الإصرار وشدة العزيمة  في داخل الشخص نفسه والشواهد في هذا الباب أكثر من أن تحصى. وليس غريبا أن يتخلل رحلة البحث عن وظيفة العديد من الصعوبات والعقبات والتحديات وحتما سيمر الشخص خلالها بفترات من الضعف والإحباط والشعور باليأس والرغبة في الاستسلام لكن المتفائل وصاحب العزم لن يجد في هذا كله ما يوقف سيره قدما في هذه الرحلة حتى يصل الى مبتغاه.

لا يمكن أن نكون إيجابيين إذا قبلنا أن تشكل هذه العقبات حواجز وهمية تحول بيننا وبين الوصول الى تحقيق أهدافنا. ولا يمكن أن نكون إيجابيين إذا سلمنا بأن ما نواجه من صعوبات هو مبرر كاف للتوقف. ولا يمكن أن نكون إيجابيين إذا كنا على قناعة بأنه ليس بالامكان أفضل مما كان وختاما ، أحب أن أشير الى أن أغلب الذين نجحوا في مسيرتهم الوظيفية – إن لم يكن كلهم -عبروا من نفس الطريق وواجهوا نفس التحديات وتغلبوا على نفس العقبات واعترتهم نفس المشاعر مع فارق بسيط لكنه في غاية الأهمية وهو أنهم فعلوا ذلك بـ”إيجابية” و ” عزيمة” و “صبر” .

_________

م بدر الجهني 

‫4 تعليقات

  1. الجيل يحتاج توعية بأن التحديات لا تنفي وجود الفرص ، وإنما على قدر أهل العزم تأتي العزائم
    مقال موفق وبناء م. بدر وفقك الله

  2. كلام جميل ومحفز لاننا بدون الامل والصبر والمثابره وبذل المزيد من الجهد حتى يصبح الشخص مميز عن ما حوله من الذين يتقدمون للوظيفه نفسها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى