الجهل بالقانون لايعتبرعذرا

بقلم : بندر الصياحي
يظن الكثير من الناس أن جهله في الأنظمة واللوائح قد يعفيه من المسؤولية القانونية سواء المسؤولية العقدية في العقود التجارية أو العقود المدنية أو المسؤولية التقصيرية المترتبة على الضرر (بلا عقد)
الحقيقة أنه لا يمكن أن يعفى أو يدفع شخص ما أمام القضاء أو الجهات المختصة بجهله عند وقوع أي ضرر كان بعد نشر النظام في الجريدة الرسمية (جريدة أم القرى) بالمدة التي يحددها (مبدأ عدم قبول الدفع بالجهل بالقانون)، فلا بد لكل شخص قبل خوضه في أي واقعة لها اثر قانوني كتوقيعه على أي عقد أن يتحرى ويستشير ويعرضه على المختصين من المحامين أو المستشارين القانونيين.
في عرف العقود والالتزامات هناك قاعدة قانونية شهيرة تقول أن: العقد شريعة المتعاقدين، ومعناه أن العقد له اثر والتزام قانوني بعد توقيعه من شخص مميز في سن الرشد صحيح العقل غير مجنون، ويكون ملزم بكل بنوده واثاره الا في حال مخالفة بعض البنود للشريعة الإسلامية والنظام العام أو المخالفة في محل العقد فلا يكون ملزم بقدر المخالفة.
يتأخر الكثير من الناس في الاستشارة القانونية للمختصين ولا يتجه لها الا بعد أن يسبق السيف العذل، فلا يعرض استشارته الا بعد وقوع الضرر عليه في التزامه العقدي أو بعد تقادم حقه في الاستئناف أو الالتماس بإعادة النظر أو بعد أن تكتسب أحكامه الصفة القطعية.
وهنا تكمن أهمية الاستشارة القانونية التي تختصر دائمًا عليك الكثير من المال والجهد، لأن المصيبة أن بعض الأطراف في العقود يحمي نفسه كامل الحماية من الالتزامات والشروط الجزائية حتى أن بعضهم يُضمن عقده عدم مطالبة الطرف الثاني ببند يسقط حقه في المطالبة بالغبن، فلو تبين بعد توقيع العقد أن محل العقد به شطط وارتفاع بالثمن (السلعة أو العقار) فلا يحق له المطالبة بفسخ العقد. ويستغل الكثير من مكاتب العقار أو الشركات أو بعض ضعاف النفوس جهل الناس في فهم بعض المصطلحات والالتزامات القانونية بالشكل الصحيح فعند المنازعة لايكون له الحق في المطالبة، فإذا شرط في العقد على إسقاط الغبن فهو شرط صحيح ومعتبر، ويحصل ذلك غالبًا في العقود الجاهزة عند الشركات التي تحمي نفسها من المسؤولية، ولن يقبل الدفع أمام القضاء بعدم الانتباه أو قراءة العقد كاملًا والأفضل أن تكون الاستشارة القانونية استشارة وقائية قبل وقوع الضرر ولا تكون بعده؛ لأن الإمكانيات في الفسخ أو التعديل على العقد بعد الالتزام تكون في نطاق ضيق ومحدود.
جاء في حكم قضائي رقم قراره: ٣٥٢٩١٦٥٤ أمام المحكمة العامة بالأحساء أن مدعيًا طالب المدعى عليهم بتسليم العقار بعد دفع ثمنه ورفضوا التسليم بحجة الغبن في سعر العقار، ولكن بعد النظر في العقد تبين انه متضمن بند ينص على اسقاط حقهم في المطالبة بالغبن، ودفعوا بعدم علمهم بذلك ولكن حكم القاضي للمدعي بما طلب وهو تسليم العقار، وتم تأييد الحكم من قبل محكمة الاستئناف. وفي حكم قضائي اخر تم النظر فيه بالمحكمة التجارية في تنازع على تقليد علامة تجارية دفع المدعى عليه (التاجر) بعدم علمه ان العلامة مقلدة فكان رد الدائرة القضائية بالنص:
“ولا ينال من ذلك مادفع به المدعي عليه من كونه لايعلم عنها لكونه من المتعين عليه كتاجر أن يستفسر وأن يتبع الإجراءات الصحيحة عند الشراء حتى يعلم الإجراءات التي يجهلها”
وكذلك قد يقع من البعض جرائم من غير علمه بأنها مجرمة بالنظام وتوقع عليه المسائلة والعقاب كنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي حوى أفعال مجرمة نرى العديد من الناس في مواقع التواصل الاجتماعي يرتكبها من غير علمه انها مُجرمة، أنصح بالنظر في هذا النظام وقراءته قراءة متأنية حتى يعلم الشخص حقوقه وحدوده عند استخدام هذه المواقع التي لايستغني عنها احد في أيامنا هذه.
وأكرر على أهمية الاستشارة القانونية، حيث أنها تبين للمتعاقدين حقوقهم والتزاماتهم قبل ايجاب العقد كما أوصي بقراءة شروط المستخدم في البرامج والمواقع الالكترونية قبل الموافقة عليها، وكذلك يتوجب على المستهلك قراءة حقوقه في اللوائح الموثقة والمصدقة من الجهات المختصة. وغير صحيح ان القانون لايحمي المغفلين، القانون في حماية الصغير والكبير والعاقل والمجنون ولكن لا يجوز حماية أحد بعد اعتماد النظام وسريانه.
____________________
بقلم : بندر الصياحي
Bandar990@outlook.sa