الكتاب

اليوم الوطني بين البهجة والهوية: عزّنا بطبعنا .. بقلم: محمد حمدان الذبياني

بعد أن انتهت فعاليات الاحتفال باليوم الوطني، وهدأت الساحات وغادر الجمهور ميادين البهجة، بقي المعنى الحقيقي حاضرًا في الأذهان، فالشعار «عزّنا بطبعنا» لا يأتي كعبارة عابرة، بل كدعوة للتأمل في الكيفية التي يمكن أن تجسّد بها الفعاليات طباعنا الأصيلة وقيمنا المتجذرة، لتتحول من لحظات وقتية إلى أثر ممتد.

رافقت اليوم الوطني على مر الأعوام شعارات تلخص مسيرة الوطن فهمة حتى القمة عبّرت عن الطموح، و هي لنا دار جسدت الانتماء، ونحلم ونحقق أضاءت طريق الإنجاز أما هذا العام فجاء الشعار ليغوص في عمق الهوية ويؤكد أن العزة لا تُستمد من مظاهر وقتية بل من الطبع الأصيل في تعاملات الناس وسلوكهم اليومي.

وفي بعض الفعاليات غلب الجانب الترفيهي والتجاري، حيث تنوعت أركان الأطعمة والمشروبات وتخللتها عروض فنية أضفت أجواءً مبهجة،وحين تمتزج هذه المشاهد بروح الشعار ومعناه الثقافي، تزداد الصورة عمقًا وتقترب من جوهر «عزّنا بطبعنا»، حيث يلمس الزائر الكرم في أركان الضيافة، والاعتزاز بالهوية في الحرف والفنون الشعبية، والنخوة في المساحات المخصصة لكبار السن وذوي الإعاقة، والانفتاح في التعريف بثقافتنا بلغات متعددة.

وتبرز على أرض الوطن أمثلة ملهمة؛ فموسم الدرعية أعاد قراءة التاريخ في أجواء عصرية راقية، وموسم الرياض جمع بين الترفيه والفنون الشعبية والهوية الوطنية، فيما برزت مهرجانات العلا بوصفها منصة عالمية تُظهر كيف يمتزج التراث بالحضارة الحديثة، هذه التجارب تعكس كيف يجمع الاحتفال بين الفرح البهيج ورسالة الهوية في آن واحد.

إن «عزّنا بطبعنا» ليس مجرد شعار يُرفع، بل روح تسكن تفاصيل الحياة ،في ابتسامة عابر، وفي يد تمتد بالعطاء، وفي صف منظم أمام بوابة، وفي قهوة تُقدَّم بروح كريمة، وحين ينعكس هذا الطبع الأصيل في الفن والتنظيم والسلوك، تتشكل صورة وطن يفرح بوقار ويعبّر بصدق، وتتحول شعاراته إلى فلسفة حية تُمارس في الواقع لا مجرد كلمات تُردَّد في المناسبات.

بقلم: محمد حمدان الذبياني

إعلامي سعودي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى