
في النظام القضائي السعودي، لكل إجراء توقيته، ولكل جلسة أهميتها، والغياب عن الجلسات القضائية يترتب عليه آثار قد تكون حاسمة في مصير الدعوى. وفي هذا التحقيق الصحفي، نعرض ما أوضحه الدكتور عبداللطيف الخرجي بشأن ما يحدث عند غياب أحد أطراف الدعوى، مستندين إلى ما نص عليه نظام المرافعات الشرعية.
أولًا: غياب المدعي
إذا غاب المدعي عن الجلسة الأولى دون أن يقدم عذرًا تقبله المحكمة، فإن من حق المحكمة أن تقرر شطب الدعوى. وهذا ما نصت عليه المادة (55) من نظام المرافعات الشرعية، والتي تقضي بأنه إذا لم يحضر المدعي أي جلسة ولم يقدم عذرًا، يجوز للمحكمة شطب الدعوى، وإذا لم يطلب السير فيها خلال (60) يومًا، تُعد كأن لم تكن. وفي حال عدم حضورة بعد إعادة قيد الدعوى، والسير فيها، عٌدَّت كأن لم تك.
ثانيًا: غياب المدعى عليه
أما إذا حضر المدعي وتغيب المدعى عليه، وكان قد تبلغ لشخصه أو وكيله في الدعوى نفسها بموعد الجلسة، أو أودع هو أو وكيله مذكرة بدفاعه لدى المحكمة قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى ولم يحضر، أو حضر المدعى عليه في أي جلسة ثم غاب، فتحكم المحكمة في الدعوى، ويعد حكمها في حق المدعى عليه حضوريًّا وفق أحكام المادة ) 57 (من نظام المرافعات الشرعية،
ثالثًا: غياب الطرفين
في حالة غياب الطرفين معًا عن الجلسة، فإن المحكمة تقوم أيضًا بشطب الدعوى، حيث يُعد ذلك مؤشراً على عدم الجدية من كلا الطرفين، وفق ما استقر عليه العمل القضائي ونصوص النظام.
رابعًا: السلطة التقديرية للقاضي
من النقاط الجوهرية التي أشار إليها الدكتور الخرجي هي أن القاضي يتمتع بسلطة تقديرية كبيرة. فإذا سبق للمدعي أن حضر وطلب مهلة لتقديم مستند أو وكالة ثم تغيب في الجلسة التالية، فإن للمحكمة بناءً على ظروف القضية وتقدير القاضي أن تحكم بشطب الدعوى أو حتى السير فيها بحسب الأحوال. هذه السلطة مستمدة من المبادئ العامة في نظام القضاء، وهي تنسجم مع فلسفة النظام في منع المماطلة وتحقيق العدالة الناجزة.
خامسًا: الاعتراض على الحكم الغيابي
إذا صدر حكم غيابي ضد أحد الأطراف، فإن له الحق في الاعتراض عليه بطريق المعارضة، وفقًا لـ المادة (60) من النظام. ويجب تقديم مذكرة الاعتراض خلال المدة النظامية، وإلا سقط حقه في المعارضة، ويُعد الحكم نهائيًا.
وإذا أصبح الحكم نهائي فيعامل وفق أحكام التماس إعادة النظر وفقًا لما نصت عليه اللائحة التنفيذية للمادة ذاتها.
خاتمة
واختتم الدكتور الخرجي بعبارة تلخص كل ما سبق:
“القاضي سيسأل: من الذي تغيب؟ ولماذا؟ وهل سبق له الغياب؟ وهل قدم عذرًا؟“
فكل هذه الأسئلة تُحدد الإجراء الذي سيتخذه القاضي.
بالتالي، فإن الحضور إلى الجلسات القضائية والتفاعل الجاد مع المحكمة ليس فقط مسؤولية قانونية بل ركيزة لضمان نظر القضية بعدالة وسرعة.
فالنظام القضائي في المملكة يمنح الفرصة للجميع لكنه لا يتسامح مع الإهمال أو المماطلة.
المحامي الدكتور عبداللطيف الخرجي
أستاذ القانون في كليات الأصالة الأهلية – الدمام
المستشار القانوني في مكتب المحامي سعد القحطاني