الكتابالمقالات

إجراءات داعمة لتحقيق التوازن في القطاع العقاري: بين التخطيط الاستراتيجي واستدامة التنمية .. بقلم: المحامي د. عبداللطيف عبدالله الخرجي

في إطار الجهود الرامية إلى تحقيق التوازن في القطاع العقاري وتعزيز استقراره، جاءت توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – لتشكل نقطة تحول استراتيجية في مسار السياسات الإسكانية والتنظيمات العقارية في المملكة. وقد أطلقت الهيئة العامة للعقار حزمة من الإجراءات المنسجمة مع رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى خلق بيئة عقارية متوازنة ومستدامة تسهم في تلبية احتياجات المواطنين وتحفز الاستثمار في السوق العقاري.

تُعَد قضية الإسكان من أبرز التحديات التي تواجه صانعي القرار في كثير من دول العالم، وتزداد أهميتها في ظل الازدياد السكاني المتسارع وتنامي الطلب على الوحدات السكنية.

ومن هذا المنطلق، تبنّت الهيئة العامة للعقار بالتعاون مع الجهات المعنية في الرياض، مجموعة من السياسات التي تهدف إلى تسهيل الحصول على أراضٍ سكنية مناسبة للمواطنين، وذلك من خلال تطوير ما بين 10 -40 ألف قطعة للمواطنين سنويًا لتلبية الطلب المتزايد، مع التركيز على المواءمة بين العرض والطلب، في خطوة من شأنها أن تسهم في خفض الأسعار وتحقيق التوازن في السوق.

كما شملت الإجراءات رفع الإيقاف عن التصرف في عدد من المخططات العقارية في مناطق مختلفة من مدينة الرياض، بعد الانتهاء من استكمال المتطلبات النظامية وتحديث البيانات.

هذا القرار من المتوقع أن يضيف ما يقارب 81.48 كيلو متر مربع من الأراضي المتاحة، مما سيسهم في توسيع دائرة الخيارات العقارية وتخفيف حدة الاحتكار.

ولتحقيق الشفافية وتنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين، أطلقت الهيئة كذلك مبادرات لتنظيم العلاقة الإيجارية، بما يشمل آليات موثوقة لتحديد الإيجارات وحماية حقوق الأطراف، وهو ما يسهم في استقرار السوق والحد من النزاعات العقارية، بالإضافة إلى كونه بيئة جاذبة للمستثمرين.

ومن الجوانب المهمة أيضًا، إصدار تعديلات مقترحة على نظام رسوم الأراضي البيضاء التي تهدف إلى معالجة ظاهرة الاحتفاظ بالأراضي دون تطويرها، ما يؤدي إلى تعطيل التنمية وزيادة المضاربات العقارية.

هذه الرسوم تعتبر وسيلة فعالة لتشجيع الملاك على تطوير أراضيهم أو إعادة تدويرها في السوق، مما يعزز العرض ويخفض الأسعار بشكل تدريجي.

ولأن استقرار الأسعار مؤشر رئيس على فعالية السياسات العقارية، فقد تم تكليف الهيئة العامة للعقار بمراقبة الأسعار بآليات تقنية وتحليلية دقيقة، تتيح للجهات الرقابية والمستثمرين وصنّاع القرار اتخاذ قرارات مبنية على بيانات موثوقة، والحد من الممارسات السلبية كالمبالغة في التقييم العقاري أو التضليل في السوق.

في المحصلة، تعكس هذه الإجراءات حرص القيادة على ضمان حق المواطن في السكن الملائم، وفي الوقت نفسه بناء قطاع عقاري صحي ومستدام يتصف بالعدالة والشفافية.

كما أن هذه السياسات تنسجم مع توجهات التنمية الوطنية، وتفتح آفاقًا رحبة أمام فرص النمو الاقتصادي، من خلال تشجيع الاستثمار، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في الوصول إلى جودة حياة متكاملة للمواطن والمقيم.

وبينما تتوالى هذه المبادرات، تبقى مسؤولية تنفيذها وتحقيق أثرها الفعلي على أرض الواقع مسؤولية مشتركة بين الجهات الحكومية والمطورين والمجتمع، لضمان بناء مدن متكاملة تحقق طموحات الأجيال الحالية والمستقبلية.

بقلم: المحامي د. عبداللطيف عبدالله الخرجي

أستاذ القانون في الجامعات السعودية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى