الكتاب

إختياراتي .. بقلم: عباير الرشيدي

نعيش حياتنا محاطين بسلسلة لا تنتهي من القرارات، منها ما يبدو بسيطًا وعابرًا، كاختيار ملابسنا في الصباح أو ما نأكله على الغداء، ومنها ما يكون مصيريًا يغيّر مسار العمر، كاختيار مهنة أو شريك حياة أو بلدٍ للإقامة.

في خضم هذا الزخم من الخيارات، قد يقف الإنسان حائرًا بين عدة طرق، مترددًا في اتخاذ القرار “الصحيح”، وقد يُقدم على خيار ثم يكتشف لاحقًا أنه لم يكن الأفضل. هنا، يبدأ البعض بجلد الذات أو الغرق في الندم. لكن الحقيقة الأعمق هي أن كل قرار، سواء أصبنا فيه أم أخطأنا، هو جزء لا يتجزأ من تشكيلنا وتكوين وعينا.

الاختيار الذي لم يكن موفقًا قد يحمل في طياته دروسًا لا تُقدّر بثمن، تعلمنا كيف نفكر، وكيف نُعيد التقييم، وكيف ننهض مجددًا بثقة أكبر. وفي المقابل، فإن التوفيق في بعض الخيارات ليس فقط نجاحًا، بل هو أيضًا نتيجة تجارب سابقة قد تكون مؤلمة أو مليئة بالتردد.

من هنا، علينا أن نُغيّر نظرتنا للقرارات. لا ننظر إليها من زاوية الربح والخسارة فقط، بل من زاوية النمو والتعلّم والتشكّل. فليس هناك خيار “سيئ” بالمطلق، بل هناك قرارات تقودنا نحو النضج، وأخرى نحو النجاح، وكلاهما نِعمة.

لذلك، حين تتأمل في اختياراتك، لا تحكم عليها بقسوة، ولا تتمنَّ لو أنك لم تخترها. بل انظر إليها بعين الرضا والتفهّم، لأنك في كل مرة اخترت، كنت تحاول أن تكون أفضل، وهذا وحده كافٍ لتستحق الاحترام.

وأختم مقالي هذا البيت للإمام الشافعي، ويُعد من أشهر أبيات الشعر في وصف واقع الحياة والتمنّي، ويعبّر بدقّة عن فكرة المقال: أن ما نتمناه قد لا يتحقق، لكن في ذلك حكمة ودرس.

ما كلُّ ما يتمنّى المرءُ يُدركُهُ

تجري الرياحُ بما لا تشتهي السُّفُنُ

بقلم: عباير الرشيدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى