الكتاب

الإنسان النبيل… لا ينتظر النداء

بقلم | أ. عمر بن صالح العبداللطيف 

دائمًا ما تهزّني تلك اللحظات التي تكشف معادن البشر، حين يلمع النبل وسط الزحام. فالنبيل لا يتحرك لأن أحدهم طلب منه، بل لأن قلبه يأبى الصمت، وفطرته تأبى التأخر.

في زمن ازدحمت فيه العلاقات السطحية، ما زال هناك من يلتقط إشارة الحاجة قبل أن تُقال، ويأتيك في اللحظة التي تسبق الانكسار. لا يفاخر بما صنع، ولا يمنّ بما أعطى، بل يلوم نفسه لأنه لم يصل أبكر.

الصديق الحق، حين يشتد الموقف، يتحول إلى شقيقٍ للهم، ورفيقٍ في الطريق، وكتفٍ لا يُسند بل يَسند. قيمة عطائه ليست فيما بذل، بل في إحساسه ومبادرته، وفي اختياره أن يكون حاضرًا حين يظن الجميع أنك بخير.

ليت المجتمع كله يتربّى على هذا الحس، الذي لا يسمح لمن نحب أن ينكسر أمامنا، لا بالكلمة، ولا بالطلب، ولا حتى بالنظرة. فالنبل ليس ما نفعله، بل متى نفعل، وكيف نشعر، وبأي قلب نقدم.

في نهاية المطاف، ستكتشف أن النبل لا يُورث ولا يُشترى، بل هو قرار داخلي أن تكون إنسانًا كاملًا في زمنٍ يكتفي بالكمال الظاهري. فاختر أن تكون ذلك الحاضر في لحظة الغياب، واليد الممدودة قبل السؤال، والصوت الذي يطمئن قبل أن يُستغاث به… عندها فقط، ستعرف أنك لم تعش حياتك عبثًا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى