الكتابالمقالات

الاستراحات من أماكن للاستجمام إلى منابر إعلامية .. بقلم: محمد حمدان

بقلم: محمد حمدان

في عصر ازدهار المحتوى الرقمي، لم يعد الإعلام حكرًا على القنوات التقليدية، بل أصبح المشاهير وصناع المحتوى في السعودية يستغلون الاستراحات كمقرات إعلامية لإنتاج محتوى متنوع وجذاب فمن خلال تحويل هذه المساحات الخاصة إلى استوديوهات متكاملة، تمكنوا من تقديم برامج حوارية ومقاطع ترفيهية وتحديات، وحتى بث مباشر، مما منحهم حرية إبداعية أكبر بعيدًا عن القيود الرسمية للإعلام التقليدي.

هذا التحول يعكس مدى التغير في مفهوم الإعلام الحديث، حيث أصبح بإمكان أي مؤثر بناء منصته الخاصة والوصول إلى ملايين المشاهدين بأسلوب فريد،ومع ازدياد الإقبال على هذا النموذج، باتت الاستراحات تلعب دورًا جديدًا يتجاوز كونها أماكن للاستجمام، لتصبح منابر إعلامية تعيد تعريف صناعة المحتوى الرقمي في المملكة.

هذا التحول الكبير في استخدام الاستراحات كمقار إعلامية أدى إلى تفاوت كبير في جودة المحتوى والمخرجات بين المشاهير وصناع المحتوى فبينما نجح البعض في استغلال هذه المساحات لتقديم محتوى احترافي وجذاب، واجه آخرون صعوبة في تحقيق نفس المستوى من الجودة، مما أدى إلى اختلاف كبير في التأثير والانتشار.

ومن الاسباب التي أدت بنظري في تفاوت المخرجات القدرة على الاستثمار في تجهيز الاستراحات فبعض المشاهير استثمروا في تحويل استراحاتهم إلى استوديوهات مجهزة بأحدث تقنيات التصوير والإضاءة، مما انعكس على جودة المحتوى لديهم وآخرون اعتمدوا على معدات بسيطة أو تصوير عشوائي، مما جعل إنتاجهم أقل احترافية ويعد السبب الإبداعي في تقديم الأفكار هو نقطة جوهرية فنجاح بعض المؤثرين كان بسبب تقديم أفكار مبتكرة وجديدة تجذب الجمهور، مثل برامج حوارية بأسلوب غير تقليدي أو تجارب تفاعلية مع المتابعين في المقابل، وقع البعض في التكرار والرتابة، مما أدى إلى فقدان الاهتمام بمحتواهم بمرور الوقت فيما كان التخطيط والتنظيم عنصر مهم فالذين تعاملوا مع استراحاتهم كمنصات إعلامية منظمة، من خلال تحديد جدول زمني واضح ونوعية المحتوى المقدّم، نجحوا في بناء قاعدة جماهيرية مستقرة ،بينما واجه البعض تحديات في إدارة المحتوى وتنسيقه، مما أدى إلى عشوائية أثرت على نجاحهم ويعد التفاعل مع الجمهور عامل رئيسي فالمشاهير الذين استطاعوا خلق بيئة تفاعلية داخل هذه الاستراحات، سواء من خلال استضافة شخصيات مشهورة أو إشراك المتابعين، حظوا بشعبية أوسع في المقابل، من لم يهتموا بتفاعل جمهورهم وجدوا أنفسهم يعانون من انخفاض المشاهدات والتفاعل فيما ذهب البعض الى الاهتمام بعناصر الإنتاج المرئي والمسموع فالجودة الفنية تلعب دورًا كبيرًا في نجاح أي محتوى، فالإضاءة، الصوت، وزوايا التصوير تؤثر بشكل مباشر على تجربة المشاهد فبعض المؤثرين استخدموا أساليب إنتاج غير احترافية، مما جعل محتواهم أقل جاذبية مقارنة بمن حرصوا على تقديم إنتاج بصري متكامل.

هذا التفاوت بين المخرجات جعل بعض المؤثرين يحققون نجاحات كبيرة وتحولوا إلى علامات تجارية معروفة، بينما ظل آخرون في دائرة المنافسة دون تحقيق تقدم يُذكر ومع زيادة الوعي لدى المشاهدين، أصبح الجمهور أكثر انتقائية، مما يفرض على صناع المحتوى تطوير أساليبهم باستمرار للحفاظ على مكانتهم.

فمستقبل الإعلام الجديد سيظل في يد الأفراد والمؤثرين لفترة طويلة، لكنه لن يكون بعيدًا عن التنظيم الرسمي، خاصة مع تزايد تأثيره وانتشاره فالجهات الرسمية بدأت بالفعل بوضع إجراءات وتنظيمات لضمان جودة المحتوى ومصداقيته، مثل اشتراط التراخيص لبعض الأنشطة الإعلامية والتأكد من عدم مخالفة القيم والمبادئ العامة.

ومع ذلك، ستظل حرية الإبداع والتجربة في يد صناع المحتوى، خاصة أن منصات التواصل الاجتماعي تمنح الأفراد مساحة كبيرة للتعبير والتفاعل المباشر مع الجمهور دون الحاجة إلى مؤسسات إعلامية تقليدية ومع تطور التكنولوجيا، قد نشهد مزيجًا بين الإعلام الشخصي والإعلام المؤسسي، حيث يتعاون المؤثرون مع جهات رسمية أو شركات إعلامية لتقديم محتوى أكثر احترافية وتنظيمًا.

ختاماً :

الإعلام الرقمي سيظل تحت سيطرة الأفراد في جوانب الإبداع والتأثير، لكنه سيخضع تدريجيًا لمزيد من التنظيم لضمان الجودة والمسؤولية ويبقى السؤال ؟ كيف سيؤثر هذا التنظيم على حرية الإبداع؟

‫2 تعليقات

  1. طرح جيد ومقال يتحدث عن الواقع الذي نراه باعيننا
    تسلم يا استاذ محمد وبارك الله في قلمك وعلمك

  2. التحدي الحقيقي يكمن في إيجاد توازن يضمن حرية الإبداع مع الحفاظ على المسؤولية والجودة.

    بارك الله بحهودك ونفع بك ابا حاتم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى