السيدة “راوية هوسة ” أم لابن من ذوي الاحتياجات الخاصة : نظرة المجتمع” تعيق ” تقدمنا, والمجتمع شريك في علاجهم

أطفالنا من ذوي الاحتياجات الخاصة هم هبة هم نعمة هم عطية من المولى عز وجل ‘ في جملة قالتها ضيفتي في هذا اللقاء أعجبتني لأستهل بها اللقاء ، (( نظرة المجتمع الى الابن المعاق المملوءة بالشفقة والعطف وبأنه ليس إلا معاق تجعلنا لا ندري أهو المعاق ام اننا نحن من نعيقه عن الحياة )) .للحديث حول هذا الموضوع لا يسعني ان اصل الى روعة تعبير ام مجربة ….وصدق مشاعر ام مناضلة ….ووعي ودراية ام قائدة تربوية رائدة .
في لقاء مع الأستاذة راوية حمزة هوسة (مديرة المدرسة التاسعة والعشرون الابتدائية ) وهي أم لأبن من ذوي الاحتياجات الخاصة كان يوما طفلا واليوم هو رجلا يشق طريقه نحو درحات التعليم العالي ، تشرفت بلقائي بها ، وتلمست في قصتها قوة وصبر وإصرار واشتممت امومة وحنان و ادركت علم وإحاطة …
– استاذة راوية نجد ان بعض الاهالي يعانون من تقبل فكرة ان يكون لديهم ابن يعاني من أي إعاقة ما ، ويبقوا الأمر غالبا طي الكتمان والتستر والنكران ، تكفهر وجوههم ما أن توجه اليهم أسئلة بهذا الخصوص.. بداية ماذا تقولي لمثل هذه الفئة الغير متقبلة لفكرة اطفالهم ذوي الاحتياجات الخاصة …
يقول ابنتكيوس ( إن الانسان لا تزعجه الأحداث ،ولكن يزعجه نظرته اليها )
أن يبتليك الله أو ينعم عليك بطفل معاق فذلك قمة التحدي أن تشكر وتكفر فبرنامجك العقلي وقوة ايمانك بما تؤمن يحدد توجهك ،وفي كلا الأمرين أمر الله نافذ لا محالة ،فمن رضي فله الرضا فمن سخط فله السخط ….عندها ماذا على الانسان ان يقول ؟
يقول الحمد لله وينعم بهذه النعمة فما أشقاك إلا ليسعدك ويعطيك مكانة في الجنة لن تصلها لولا هذا الابتلاء ..
– حدثينا استاذة راوية عن تجربتك كيف كانت مراحل اكتشاف اعاقة ابنك كيف تقبلتيها ،كيف واجهتيها ،وكيف تحديتيها …..
تبتسم وتقول إجاباتي عن أسئلة من هذا النوع جعلتني احصل على درع الام المثالية من مركز (رسالة امل) حيث تم ترشيحي من قبل جمعية إبصار ،من أصل عشر امهات فقط بمنطقة مكة المكرمة بمحافظة جدة ،وكان السبب وراء ترشيحي من قبل عضوات مجلس الادارة هوا ما لمسوه من عناية ورعاية واهتمام لابني .وكان من ضمن الأسئلة التي وجهت الي (( ما هي ردة فعلك بداية اكتشافك لمشكلة ابنك ،و ما هي الافكار التي دارت بذهنك ؟))
و اقول انا ان اكتشاف طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة في الأسرة يعتبر اكتشاف سلسلة من الضغوطات .وأول تصرف قمت به . 1- ذهول 2- بكاء 3- وذهبت في نفس اليوم الى اهل الاختصاص أريد ان اعرف ،أتكلم ، أفهم الموضوع برمته
(علما انني عندما تعرفت على حالة ابني كنت في شهور العدة بعد وفاة والد ابني رحمه الله )
وطبعا ما دار بذهني في ذلك الوقت ان هؤلاء الاطباء لا يفقهون شيئا وهم يبحثون عن الشهرة على حسابي وحساب ابني ( وهذا يعد نوعا من انواع الانكار ) ثم بدأت تراودني الكثير من الافكار مثل السفر الى الخارج وعرض ابني على أمهر وأشهر وأشطر الأطباء لآتي بالنتيجة التي تؤكد سلامته و تدحض كلام هذا الطبيب الفارغ والغير منطقي البته ….(طبعا كل هذا من وجهة نظري وانا تحت تأثير و وقع الصدمة )
– ((لا يعد امرا سهلا أن يتقبل الاهل فكرة ان لديهم ابن معاق وربما تكون هنالك مؤشرات و اشارات مربكة لهم ولكنهم يتجاهلوا وينكروها ،بل ويرفضوا في حالات كثيرة ايضا النظر اليها او حتى التوقف عندها للحظة ))
تتابع الاستاذة راوية مؤيدة وتقول تعم ان يكون لديك ابن من ذوي الاحتياجات الخاصة وأنت في دولة عربية فهذا تحدي من نوع اخر. فأنت على وشك مواجهة (بناء مستقبل لابنك ) …. لا لانعدام الامكانيات (فالحكومات توفر قدر المستطاع )ولكن بل لان لدى الفئات المكلفة تبريرات لكل إنقاص ورغم المعرفة التي يتمتعون عن مثل هذه الفئات إلا ان هنالك تخوفا من التجربة وتحمل المسؤولية دائما …فيترك الامر على ما هو عليه بلا تطوير او تحسين ..

– وكيف اجتزت استاذة راوية الصدمة و تعاملتي معها ….
الصدمة الأولى تتسم بالقلق والتوتر والشعور بالذنب، ولوم الذات .الأفكار التي كانت تراودني متى استيقظ من هذا الحلم المزعج ،مشاعر مختلطة وحزن عميق ارتبط بعدم معرفة خلفيات الامور ،و النظرة الضبابية حيث لا أعرف لمن أتجه كي يساعدني ويساعد ابني . لا وجود ليد مساعدة حقيقة ذلك اتعبني كثيرا ،والسبب ليس انهم يرفضون مساعدتي ولكنهم يجهلون كيف ممكن ان يساعدونني (فهم لا يعرفون ) نظرة الشفقة والأسئلة الغبية والملامة ممن حولك ،وفاة والده ،و التواجد بمجتمع ذكوري كل هذا زاد من تخبطي ولكن بفضل الله أن لدي برنامج عقلي تفاؤلي ساعدني على رؤية بصيص امل يدعوني اليه بدأت أفكر أخطط لابد من أن اواجه المشكلة وان اقف مع ابني حتى اخر قطرة ،وكان ابني ان ذاك يبلغ من العمر خمس سنوات فوضعت لنفسي شعارا ( ابن يستحق ان اعيش من اجله )
ويذلك لم اتوقف انتقلت الى جدة وبدأت رحلة البحث عن أفضل مدراس الدمج و افضل معاهد صعوبات التعلم ومررت بصعوبات و تساهيل وكان الله دائما معي تمكنت من تسجيل ابني في مدرسة ابتدائية تحتوي على فصول الدمج وكانت هذه بداية مشرقة لمستقبل ابني في صفوف التعليم ..
كما الحقته بمركز ابصار تحت رعاية و ادارة الاستاذ محمد توفيق بلو وهو يعاني من نفس حالة ابني وهي (متلازمة الشبكية الصبغية ) وهو مركز يقدم دروس تقوية على طريقة برايل ،حيث يدرس التعامل مع الكمبيوتر الناطق ..
وقد حرصت كل الحرص على ان اكون على علم ودراية بكل ما يخص حالة ابني ،كنت في بادئ الامر اذهب الى أي محاضرات او دورات متعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة ،ولكن بعد ان عرفت حالة ابني بدأت بالتوجه لمعرفة عن حالة ابني اكثر بالقراءة وحضور الدورات والمؤتمرات والتعلم أكثر وأكثر .
وفي مدرستي طبقت نظام الدمج ( وحرصت عليه ) و يعد نظام ناجحا 100% ولله الحمد والفضل يعود لله ثم لتجربة عشتها وحقيقة تعايشت معها . ولان ذوي الاحتياجات الخاصة هم قضيتي ، هم رسالتي ……كما انني حريصة على تقديم حملات توعية مع فريق من معلمات مدرستي بقيادة معلمات التربية الخاصة (خارجية ) لنشر الوعي حول حالات الاعاقات المختلفة وكيفية التعامل معها .ومثلما ان مهمة المعلمات هي الطالبات وتعليمهم و إحتوائهم ،فإن مهمتي هي أولياء الامور واحتوائهم واحتواء تساؤلاتهم ،والوقوف الى جانبهم …

– استاذة راوية هنالك أسئلة طلب منك من خلال استمارة الإجابة عليها وأرغب بإقتباسها …والسؤال يقول ماذا تعني لك ((مركز ذوي الاحتياجات الخاصة ))
كلنا معا من أجل إكتشاف انسان
– و (( التعليم العام لطفل ذوي الاحتياجات الخاصة ))
دون تسخير الخدمات فأنت حتما ستخسر انسان ، وقد يكون موهبة . وبتوفير الخدمات والبيئة الملائمة و اخضاع التقنيات الحديثة , وبالعمل يد بيد مع ذوي الاحتياجات الخاصة دعوة للتعايش هذا هوا جوهر
(( الدمج ))
– هنالك سؤال اخر من الاستمارة قد طلب منك ذكر مدى صحة العبارة التالية :بالعمل المتواصل مع شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة سيصبح شخص طبيعي…
بالعمل المتواصل مع الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة هناك امكانية فتح آفاق جديدة ،كخطوة أولى للنجاح .
– (سؤال مقتبس ) نصيحة تودين لو همس بها احد في اذنك في بداية اكتشافك لحالة ابنك …
لا تضيعي الوقت ليس بوسعنا الاجابة عن كل الاسئلة التي تدور بداخلك ،واجهي المجهول وخططي لاكتشافه والتعايش معه واستمدي منه قوتك وقوة ابنك فهم يستحقون كل ذلك الجهد من أجلهم ..
– من وجهة نظري الخاصة اجد ان وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة هما المسئول الاول والأخير حول أطفال الاحتياجات الخاصة …..فما رأيك ؟
المجتمع بأكمله مسئول من أول الهرم حتى نهايته ، إنهم أمانة في أعناقنا .
– (سؤال مقتبس ) كلمة توجهيها للمجتمع والمتدربات والمدربين القائمين بالعمل المباشر مع ذوي الاحتياجات الخاصة ككل ..
أقول قال تعالى ( إني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى ) سورة آل عمران آية ( 195)

– ( سؤال مقتبس ) ما هي القناعات التي ينبغي الإلمام بها والتعايش معها في هذه الحالة ؟
ولقد كرمنا بني آدم على العالمين – كل إنسان مكتوب على جبينه انا انسان فاحترمني ، وفي كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي قال : السعيد من ذل لله وسأل العافية فإنه لا يوهب العافية على الإطلاق إذ لابد من بلاء و لا يزال العاقل يسأل العافية للتغلب على جمهور أحواله فيقرب الصبر على يسير البلاء – وفي جملة – ينبغي للإنسان ان يعلم انه لا سبيل الى محبوبته – ويقصد بها العافية في الدنيا ،ففي كل جرعة غصة وفي كل لقمة شجى .
– طلب منك ان تختاري سؤال لم يطرح عليك من خلال الاستمارة وكان سؤال رائعا بإجابة أروع …
السؤال / ماذا تعلمت من ابني ؟
ابني معلمي الاول في الحياة .لولا الله ثم ابني لما حققت الكثير من نجاحاتي ولما كانت لي تلك الخبرات والتجارب التي صاغتني وجعلت مني انسانة متميزة أشكر الله انني ام لشاب معاق . ربما اعادتني الاسئلة الى ذكريات الآمي ودموعي وحيرتي ،ولكن تلك الألآم والدموع هيا ما صنعت به سلما اجتاز به كل ما اعترضني من صعاب وهموم ، عندما كرمت كأم مثالية لابن معاق (( وكان تكريمي من الله اسبق )) و في حفل مهيب تسلمت الدرع من سمو الاميرة لطيفة بنت ثنيان بن محمد آل سعود ،كان الجو مهيبا والاحتفال رائعا وشاركن الامهات تجاربهن حالات تشعر امامها بالمهابة .كانت الاذان صاغية والدموع شاهدة فكم تعانين الامهات ويسعين لتقديم الافضل لاطفالهم

– كلمة أخيرة أستاذة راوية
برهنت لي الخبرات والتجارب انك اذا استقبلت العالم بالنفس الواسعة رأيت حقائق السرور تزيد وتتسع وحقائق الهموم تصغر وتضيق وأدركت أن دنياك أن ضاقت فأنت الضيق وليس هيا .
شكرت الله انني ام لطفل معاق فلولا الله ثم انت يا بني لما توجت اليوم ….أهمس في اذن ابني كل يوم و اقول (( الم أٌقل لك يا فارس أنت سر سعادتي ))
حاولت ان اختصر عذب الكلام مع هذه السيدة الرائعة والأم المثالية، ولكنني أعلم جيدا ان هنالك ام تقرأ وتستفيد ان هنالك اب يقرأ ويستمد القوة ان هنالك اسرة تقرأ و تستيقظ وتهم بما انعم الله عليهم من نعمة الابناء فلا وجود لإعاقة تعيق مستقبل ابنائنا …………..