الشخصية النرجسية

بقلم | أحمد حسن فتيحي
تتعامل هذه الشخصية مع نفسها بعشق..
وترى أنها الأجدر والأقدر والأفضل..
على مستوى الآخرين المتعاملين معها أو غير المتعاملين..
تعيش في غرور وتعالي وأهمّية لنفسها بداخلها..
وترى أن مجتمعها غير مقدّر لوجودها..
وتبيح لنفسها السخرية من الغير وعدم رضاها عمّا يقال أو يدار..
وتعتبر نفسها أنها الملاك الذي فوق هذه البقعة.. وتعيش بخيالها..
إن لم تمارس هوايتها فالخيال عندها يرضيها..
ويزين لها ما حولها أو يسفّه ذلك..
وتجد فيها أحيانا علامات من (القرف) التعبيري تظهر لمن يرقبها..
كل ذلك يأتي للتعبير ولو بطريقة مفضوحة..
عند من ترغب في إيصال معلوماتها إليهم..
والشخصية النرجيسية صفاتها حب الذات إلى درجة أنها تعيش في عشق نفسها..
تهتم جداً بالمظهر والأناقة واختيار الألوان المتناسقة.. وطلب الاستحسان والإعجاب..
والأكثر وقعاً للاكتئاب عند النرجسيين ذلك التجاهل الذي يراه في عين الآخرين..
ولا يمكِّن الآخرين من انتقاده أو إبداء رأي مخالف لتصرفاته..
فلابد من الآخرين ليحوزوا محبته وتقديره وعطاءه أن يكونوا في إعجاب دائم..
لدى الشخصية النرجسية شعور داخلي غير عادي..
ولا يتوقف عن التفخيم وعشق الذات وأنه نادر الوجود..
ولا يفهمه إلا القليل من البشر..
تراه يتوقع من الآخرين احتراماً وتقديراً وإعجاباً من نوع خاص لشخصيته وإبداعاته..
كما أن الشخصية النرجسية تقتنص المزايا التي يعطيها الآخرون لتحقيق مصالحها..
ولا تجد حرجاً في أن تنسب المقولة أو الفكرة لها..
وصاحب هذه الشخصية عنده غيرة شديدة من الآخرين الذين يشاطرونه المعنى..
فكل منهم يعرف شعور الآخر..
وطالما هناك تبادل في الثناء والتقدير..
فلا يمتنع عن إبداء رضاه لينال رضا الآخر في عمليات متبادلة..
ولعل من أبرز ما يظهر بوضوح لدى الشخصية النرجسية أنه ابتزازي..
واستغلالي.. ووصولي لتحقيق أهدافه الشخصية..
ويتميز أصحاب الشخصية النرجسية بإبداء الولاء أحياناً عندما يرغبون..
ويبرزون المثالية لمن يريدوا لهم لتحقيق قيمة عالية لأفعالهم وأفضالهم..
وليأخذو أكثر من الاستحسان والمديح والإعجاب والتصفيق والتقدير..
صاحب هذه الشخصية.. بعضهم عنده نقص في الوعي الثقافي النفسي..
وعنده أيضاً وضوح العجرفة.. وخشيته من العار في عيون الآخرين..
وليس عنده بالقدر نفسه الذنب الذي يؤنب به ذاته..
ولا يستطيع هذا الشخص أن يقيم علاقة طبيعية..
فيها روح المودة والتقدير والنصائح والتوجيه المتبادل بين الأصدقاء..
لأن ذاته تتقلب على ذلك فهو دائماً الأفضل والأحسن..
وبذلك يكون حسّاساً لأية إهانات أو شتائم..
وربما يفسر ذلك إذا رافق الآخرين قولها.. بفكاهة أو ضحكة بريئة..
إدعاء هذه الشخصية أنه الخبير الوحيد المتمكّن في أشياء كثيرة في الحياة..
حتى إن الذين له معه ارتباط مادي في عمله (مثلاً) يطلقون عليه العقل الحكيم..
ولا يندم أبداً.. ولا يبدي امتناناً لأحد.. ويستخدم الآخرين للوصول إلى هدفه..
وهو حقيقة تراه يزدري الذين يحققون نجاحات ويفتح أبواباً للتقليل من إنجازاتهم..
ولا يرغبون في أن يكون لأحد غيرهم معاملة تفضيلية لأن ذلك ينقص من خصوصيتهم..
وأخيراً فإن صاحب هذه الشخصية..
لا يعترف بحدوده.. فهو لا يرى إلا نفسه وذاته..
ولابد من تحقيق تلك الرغبة ممن حوله والذين يعرفون عنه أو بعضهم..
ولكنهم يحنقون حتى لا يستطيعوا الفكاك..
ويتقبل منهم خدماتهم وإجلالهم وتقديرهم وكأنها جزء منه..
فلا حدود بينه وبين ذاته والآخرين..
وهو صاحب السعادة والتفوق.. وعلى الآخرين أن يعطوا دون توقف..
وهو الذي يعطى وقتما يشاء وبالقدر الذي يشاء وفي أي وقت يشاء..
ولابد من التنويه عنه بالثناء..
وهذه الشخصية من الناحية العملية مثابرة ومجتهدة ومتقنة لعملها..
لتنتزع الإعجاب بالاتقان والتفوق..
وعندما تحقق نجاحاً ملحوظاً ومشاهداً وملموساً..
وتُرضي ما فيها بالثناء والاستحسان والمديح..
فإنها غالباً ما تجنح إلى اتباع الهوى وإشعال الشهوة..
لتنتزع الإعجاب من فئة أخرى..
وحينها تسقط.. والطريف وهي واقفة..