العقد الموحد للعمل: حماية العمال ومكافحة الاستغلال .. بقلم: المحامي الدكتور عبداللطيف الخرجي

يمثل العقد الموحد للعمل خطوة نوعية نحو بيئة عمل أكثر عدلاً وتنظيماً في المملكة العربية السعودية· يوضح الدكتور عبداللطيف الخرجي كيف ساهم هذا العقد في حماية حقوق العمال ومنع أي ممارسات استغلالية أو غير قانونية·
يشير الدكتور الخرجي إلى أن العقد الموحد جاء ليضع حداً للاختلافات بين العقود الفردية القديمة، التي كانت تختلف من منشأة لأخرى وتسبب نزاعات عديدة· فالعقد الجديد موحد وواضح، مكتوب بلغة سهلة، ويشرح حقوق وواجبات كل طرف منذ البداية· كما يتم توثيقه إلكترونياً عبر منصة رسمية تابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ما يضمن حماية المستندات ومنع أي تلاعب بها·
ويضيف الدكتور أن العقد يحقق العدالة الوقائية، إذ تمنع البنود الواضحة المشكلات قبل وقوعها· فهو يغطي كل التفاصيل المتعلقة بالأجر وساعات العمل والإجازات ونهاية الخدمة بدقة وعدالة، ويقلل سوء الفهم والنزاعات بين العامل وصاحب العمل·
كما أصبح العقد سنداً تنفيذياً للأجور، حيث يمكن للعامل طلب التنفيذ مباشرة إذا لم يستلم راتبه في الوقت المحدد، دون الحاجة إلى رفع دعوى قضائية طويلة· وهذا يسرع تحقيق العدالة ويخفف الضغط على المحاكم العمالية·
ويؤكد الدكتور أن العقد لا يحمي العامل فقط، بل يحقق توازناً حقيقياً بين الطرفين· فصاحب العمل محمي من أي ادعاءات غير دقيقة، إذ يمكن الرجوع بسهولة إلى البنود الموثقة رسمياً، مما يقلل النزاعات ويزيد الثقة بين الطرفين·
ومن الجانب الإنساني، يسلط العقد الموحد الضوء على مكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية العمالة من الاستغلال· فكل علاقة عمل خاضعة للرقابة الإلكترونية، مما يمنع ممارسات غير قانونية مثل حجز الجوازات، تأخير الأجور، أو تكليف العامل بمهام غير منصوص عليها في العقد· وتعمل جمعية ابتسام على نشر الوعي بين العمال وأصحاب العمل وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي تجاوزات تمس كرامة الإنسان·
ويشير الدكتور إلى أن أغلب بنود العقد تصب في مصلحة العامل، بما يحمي الطرف الأضعف، لكنها تفيد صاحب العمل أيضاً، لأنها توفر بيئة مستقرة، وتشجع الإنتاج، وتقلل معدل دوران العمالة·
في ختام حديثه، يؤكد الدكتور عبداللطيف الخرجي أن العقد الموحد ليس مجرد خطوة تنظيمية، بل رسالة إنسانية· العدالة تبدأ بالوضوح، وحماية كرامة الإنسان هي أساس التنمية الحقيقية، ويعكس ذلك رؤية المملكة 2030 لبناء مجتمع يحترم حقوق الإنسان ويضمن بيئة عمل آمنة للجميع.
بقلم : المحامي الدكتور عبداللطيف الخرجي
أستاذ جامعي سابق وعضو جمعية ابتسام لمكافحة الاتجار بالأشخاص