أهم الأخبارالثقافة

العنف ضد الأطفال .. بداية لمشاكل مرضية أخرى

الجبيل اليوم | حوار : مها فهد العصيمي

أصبح العنف الموجه ضد الأطفال من أبرز المشكلات العالمية التي لايكاد يخلو منها مجتمع حيث يمارس العنف ضد الأطفال بأوجه وأشكال مختلفة؛ فالعنف مشكلة منتشرة في جميع أنحاء العالم.

ويؤدي العنف إلى تداعيات خطيرة بالنسبة لتنمية الأطفال، فقد يؤدي في أسوأ الحالات إلى الوفاة كما أنه يؤثر عامة على صحة الأطفال وقدرتهم على النمو والتعلم، ومن الممكن أن يؤدي بعدم استعدادهم للذهاب إلى المدرسة والرغبة في التعلم والتفوق مما يعرضهم إلى مزيد من المخاطر؛ كما أن العنف يدمر الثقة بالنفس لدى الأطفال ويقوض من قدرتهم على أن يصبحوا آباء جيدين في المستقبل.

يسعدنا ويشرفنا اليوم أن نلتقي ونحاور شخصية مؤثرة ولها بصمة، متخصص بعلم النفس العيادي وممارس للعلاج المعرفي السلوكي ويقدم الكثير بالعلاج النفسي التأهيلي

ضيفنا هو الأستاذ الأخصائي : محمد النملة

في البداية أود أن أتعرف على شخصية الاخصائي النفسي محمد النملة؟

انا الأخصائي النفسي محمد النملة أعمل في المجال العيادي أقدم العلاج النفسي بالإضافة إلى التقييم النفسي العصبي، شخصيتي مائلة أو نابعة من التخصص الذي أتوجه له كون التخصص يرغب بالاستماع وتقديم الحلول وبنفس الوقت يرغب في تحديد أماكن المشكلة أو تحديد المشكلة نفسها حيث أعمل عليها، وشخصيتي بشكل عام الشخص المتوجه لميدان معين بخصوص تقديم المساعدة، وأيضًا شغوف بالاستماع وأنصت واستمع من أجل تقديم الحلول التي تساعد في رفع المشكلة عن الشخص.

 

*متى كانت بداياتك في مجال التأهيل النفسي؟

بدايتي في مجال التأهيل النفسي تقريبًا في بداية 2012 أو نهايتها، وعلى بداية 2013 استلمت الرخصة من هيئة التخصصات الصحية.

كانت بداياتي ليست مباشرة بالتخصص الذي أعمل به حاليًا وهو أقرب مايكون بعلم النفس العيادي؛ كنت أقدم التقييم للقدرات العقلية وأطمح بأن أكون أخصائي متكامل أقدم الجلسات النفسية والعلاجية بالإضافة إلى أن أقيم القدرات المعرفية، وفي 2014 اعتبرها البداية المهنية لي حيث انتقلت من مستشفى الملك خالد الجامعي إلى الحرس الوطني و اكتسبت الخبرة من كلا المستشفيين؛ وحاليًا أعمل في مدينة الملك فهد الطبية.

*عالجت العديد من المرضى النفسيين ماهي الصعوبات التي واجهتها؟

الأخصائي النفسي بشكل عام في دراسته وتخصصه يتعلم كيفية تقديم المساعدة أو تحديد البؤرة التي تصدر منها المشاكل، فمثلا حالات الاكتئاب نجد الأشخاص المكتئبين طريقة تفكيرهم تكون خاطئة أو يظهر في ذهنهم أنواع تفكير تلقائية هي التي تسبب الاكتئاب كقوله (أنا فاشل أنا وحيد) بالإضافة أن الأشخاص المكتئبين ممكن أن يكون لديهم أمور حصلت في الطفولة يمكننا أن ننتبه لها من خلال التقييم الذي نعمله، فالصعوبات تكمن حين يكون الشخص يعيش أزمة حالية كأن تكون مادية أو جسدية ليس لها علاقة بطفولته، والأخصائي يقدم العلاج النفسي التدعيمي وهذا علاج يظل فعال ولكن فعاليته محدودة ويعتبر من الاشياء التي لاترفع المعاناة بشكل كبير عن هذا الشخص وهذه تعتبر من إحدى الصعوبات التي واجهتها؛ وأيضًا من الحالات التي تواجهك تكون معقدة جدًا أو المشاكل متشابكة وبالرغم أن الشخص يرغب بالاستمرار في العلاج لكن تكون مضطر إلى تحويله لشخص آخر أو برامج أخرى.

*ماهي أكثر الجوانب التي تحب التحدث عنها في تثقيف أهالي المرضى؟

تثقيف الأهالي جدًا مهم وهناك مقولة تعلمناها منذ الصغر وهي (فهم السؤال نصف الإجابة) وبالنسبة لنا حين يكون الشخص مستبصر بمشكلته من خلال فهمه للعوامل أو الأعراض التي يلاحظها بنفسه يساعدنا في تحديد مهارات العلاج أو الأدوات المستخدمة في العلاج نفسه بمعنى أن الشخص حين يكون غير مطلع وفاهم بمشكلته سوف يصعب تحديد العلاج، والتثقيف يعتبر عنصر فعال لفهم المشكلة.

*برأيك ضرب الطفل منذ الصغر يعد من العوامل التي ممكن أن تؤثر عليه ليصبح عدوانيًا؟

لا يمكن الجزم القاطع بالقول أن العنف سبب مباشر لظهور مشاكل نفسية، ولكن من ناحيتنا كمختصين نرى أنه واحد من الأسباب المؤثرة لعوامل مهدت الطريق للأمراض النفسية أو لمشاكل جسدية وأيضًا لجودة حياة أقل ولعمر أقل متوقع، بمعنى العنف أثناء الطفولة يساهم بأمور كثيرة ولكن بشكل غير مباشر ويعتبر من العوامل التي تمهد الطريق للحصول على هذه المشاكل سواء نفسية أو جسدية.

*تعقتد لجوء الوالدين للضرب ممكن أن يجعل الطفل يفتقد الثقه بهم أو توليد مشاعر عدم احترام لهم؟

نعم ممكن أن تظهر، لأن الطفل ينظر إلى الأب والأم بأنهم مصدر يستمد منهم المعلومات ويحمونه من الأخطار وأيضًا مصدر يلجأ لهم بوقت الصعوبات، والتعامل بالضرب في التربية يجعل هذه الأشياء تتلاشى من الطفل وممكن أن يلجأ إلى أشخاص أخرين في مساعدته أو حتى من الممكن أن يكتمها بنفسه.

*مامدى خطورة ضرب الطفل مع الوجه خصوصًا؟

طبعًا لايخفى علينا الضرب مع الوجه منهي عنه دينيًا، ويعتبر واحد من أهم المناطق بالجسم والضرب مع الوجه ممكن أن يسبب لشخص مشاعر عدم المقدرة على حماية نفسه وممكن أن يسبب أيضًا الخوف.

*ماعلاقة العقاب البدني بتطور الأمراض النفسية في مراحل متقدمة من العمر؟ مثل اصابتهم بالاكتئاب أو حتى تعاطي المخدرات

النظريات النفسية ربطت تعاطي المخدرات بالعنف في مرحلة الطفولة؛ فالتعاطي بشكل عام بمعنى أريد أن أحصل على نشوة تطغى على شعور الخوف والتوتر المستمر والعوامل النفسية المكبوتة ومنع التفكير فيها فيدخل في جانب الإدمان.

أما الاكتئاب هو مجموعة من العوامل المسببة أو مهدت الطريق فمثلًا إذا كان شخص بالغ ممكن أن يصاب بالاكتئاب من ظروف عمل أو حياة.

عمومًا يمكن أن يكون العنف سبب لهذه المشاكل ومهد الطريق لها.

*يقال أن ضرب الطفل قبل سن السابعة يعد أشد وأقوى على المشاعر السلبية، ما وجهة نظرك بهذا الكلام هل تؤيدُه؟

المشاعر النفسية دائمًا ليست مشاعر فقط بل هي تفاعل مع مجموعة أفكار أو سلوكيات وأعراض جسدية، والعوامل الجسدية والأفكار مع المشاعر تعتبر ارتباط جدًا قوي وممكن فعل بعض من السلوكيات مثل المشي يساعد في رفع المشاعر،  وتأتي الافكار في المرحلة الأولى وتكون بعضًا منها أفكار راسخة تكونت على مدار السنين ممكن أن تكون من مشاكل أسرية أو عنف أثناء الطفولة وتستمر معه فمثلا تجعله يكرر على نفسه أنا فاشل أنا لن أنجح في بداية أي عمل جديد.

*تعتقد هناك ارتباط بين ضرب الطفل وبناء شخصية ضعيفة وعدم وجود به ثقه بالنفس؟

نعم فهي واحدة من المشاكل النفسية التي كأنها القاتل الصامت أو القاتل الخفي و يكون ضعف لتقدير الذات وهو ينتج الرهاب الاجتماعي أو اضطراب القلق الاجتماعي وتصنف بأكثر حاجتين ممكن أن تولد بالشخص نظرًا لضعف تقدير الذات لديه؛ وينتج بسبب حادثة تعدي سواء جسدي أو جنسي فهو عامل كبير بتكوين الضعف الداخلي.

*ضرب الصغار ضربًا خفيفًا هل تنفع هذه الوسيلة تربويًا؟ وهل لهذه الطريقة أي أضرار جانبية؟

الدراسات النفسية لا تفرق بين الضرب الخفيف أو أي نوع من الأنواع نرى أنه بالنهاية عنف جسدي، بمعنى لا يوجد تفرقه بالكيفية.

*نصيحتك لكل أم وأب مبتدئين في التربية؟

التربية حاجة طبيعية بالأساس لا يمكن أن نقول لابد كل العالم يلتزمون بأمور معينة، وهي حاجة فطرية لا تحتاج إلى تعقيد كبير لكنها طويلة وحساسة ومرتبطة بتأسيس ومستقبل الطفل، والتربية تحتاج إلى قدوة حسنة بمعنى لا تنهاه عن فعل وتفعله أمامه والاستمرارية بالشيء تعتبر من نجاح التربية أيضًا فمثلا كأن تقول له هذا الشيء ممنوع ويأتي يوم غد وتسمح له بفعله فالانضباط بالقرارات من نجاح التربية.

وأفكار الوالدين وتوجهاتهم وشخصيتهم تلعب دور كبير في تربية الطفل، وهناك مبادئ عليهم أن يلتزمون بها وهي الدينية الثابتة الصحيحة التي لا تتغير مع اختلاف الأجيال، ويوجد بعض المبادئ لابد أن تتغير وفقًا لتغير الزمن.

*كلمة شكر لمن تهديها؟

أشكر المربين ابتداًء بالوالد والوالدة والمربين بالمدارس والمجتمع نفسه.

يصعب علي تخصيص شكر لشخص معين لابد أن أجمع لكل من ساهم في التربية ومن يقفون في صفنا ويشجعونا بالدعم الكافي؛ الشكر بعد الله للأشخاص الذين ساعدوا في تكوين فرد متزن نفسيًا بالمجتمع المنتج.

* في نهاية الحوار أحب أن أشكرك لتعاونك معي وإعطائي الفرصة بمناقشة بعض الأساسيات في التربية وتزويدي بالمعلومات الكافية.

أن تكونا أبًا وأمًا صالحين يتطلب ذلك تأجيل العديد من احتياجاتكم ورغباتكم لصالح احتياجات أطفالكم وتذكروا أنه يجب أن تتعلمون كل ما يُتاح لكم حول تربية أطفالكم بأساليب مختلفة، فبعد أن يُولد طفلك تتغير حياتك كاملة وعليك التعامل مع مختلف مراحل النمو التي يمر بها، وإذا قمت بتربية أطفال يشعرون بأنهم قادرون على تحقيق أي هدف أو مهمة يقررون إنجازها؛ سينجح في المضي قدمًا واتخاذ القرارات الصائبة.

قمت بإعداد استبيان مكوّن من سؤال واحد وست خيارات وتمت الإجابة عليه من قِبل الأمهات، وهذه إحصائية النتائج:-

ساعدنا في التبليغ عن حالات العنف التي يتعرض لها الأطفال:-

  • الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان فرع الرياض هاتف: 2102223 011 / البريد الإلكتروني: ryd@nshr.org.sa
  • تبليغ الجهات الأمنية الشرطة (999)
  • لجنة الحماية الأسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية، حيث يوجد رقم يستقبل بلاغات العنف الأسري (1919)

إذا أردنا أن نحقق السلام الحقيقي في العالم، فعلينا أن نبدأ بتعليم الأطفال

‫2 تعليقات

  1. اشكر الصحفيه مها على تحاورها الجميل واللقاء الاجمل
    استمتعت جدا بالقراءة والحديث الذي دار بينهم نشكر الدكتور محمد النملة

  2. مجهود رائع ..
    من ناحية اختيار الموضوع و اسلوب الكتابة و اختيار الاسئلة و تسلسلها جدا ممتاز .

    شاكرين مجهودك أستاذة مها العصيمي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى