“المرأة بين السرد الأدبي والسينما”.. ندوة تستعيد أسئلة التمثيل وتعيد التفكير في زاوية الرؤية

الخبر – عالي الكناني
ضمن مسارها الثقافي الذي يسعى لفتح حوارات عميقة بين الفنون الإبداعية، أقامت جمعية السينما مساء الأربعاء 30 يوليو 2025 ندوة بعنوان “المرأة بين السرد الأدبي والسينما”، في بهو سينماتك الخبر، بحضور نوعي من الكتّاب والمثقفين وصنّاع الأفلام والمهتمين بالشأنين الأدبي والبصري.
وقد قدمت الندوة الروائية والكاتبة الصحفية رجاء البوعلي، وأدارتها الكاتبة طاهرة آل سيف، في حوار امتد ليشمل تقاطعات الكتابة النسائية مع الفنون السمعية البصرية، وطرح تساؤلات حول التمثيل، والزوايا التي يُروى من خلالها صوت المرأة: من يكتبها؟ وكيف تُترجم تجربتها حين تنتقل من الورق إلى الشاشة.
تناولت الندوة محاور متعددة، من أبرزها: الكتابة النسائية ودورها في الفن السابع، المرأة في السينما من الكتابة إلى الإخراج، صورة المرأة الشرقية في السينما العالمية، قراءات في أفلام عربية وعالمية، المبادرات الوطنية لتحويل الرواية إلى فيلم.
في مداخلتها، أكدت رجاء البوعلي أن تمثيل قضايا المرأة لا يمكن أن ينبع من خارجها، وأن الكاتبة أكثر قدرة على تفكيك التجربة النسائية المعقّدة، مقابل زوايا اختزالية تفرضها بعض النصوص المكتوبة من الخارج، حتى وإن بدت متعاطفة. كما أشارت إلى التحديات التي تواجه المرأة في الصناعة السينمائية، لا سيّما حين تخوض موضوعات دقيقة أو حساسة، مؤكدة أن التمثيل الحقيقي يبدأ من التمكين داخل بنية السرد نفسها.
واستعرضت البوعلي خلال النقاش فيلمين كنموذجين لحضور المرأة كساردة وممثّلة لذاتها:
أولهما “نساء صغيرات”، الذي يتتبع فتاة تحلم بأن تكون كاتبة، في صراع بين طموحها الفردي وتوقعات المجتمع بشأن الزواج ودور المرأة التقليدي، والثاني “شخصيات مخفية”، الذي يروي القصة الحقيقية لثلاث نساء من أصول أفريقية في وكالة “ناسا”، واجهن تمييزًا مزدوجًا: عنصريًا وجنسيًا، في بيئة علمية مغلقة، وأثبتن حضورًا نوعيًا في التاريخ العلمي والحقوقي معًا.
وأشارت إلى أن هذه الأعمال لا تكتفي بسرد الحكاية، بل تعيد تشكيل الوعي، وتفتح أفقًا أوسع لفهم المرأة كتجربة حية، لا كصورة نمطية يُعاد تدويرها في الخطاب الثقافي.
من جانبها، أكدت طاهرة آل سيف على ضرورة أن يُقرأ الفيلم بوصفه نصًا مستقلًا، وليس مجرد انعكاس للرواية، مشيرةً إلى أهمية المبادرات الوطنية في تحويل الرواية إلى فيلم، بشرط الحفاظ على البعد الإنساني في النص وعدم إفراغه لصالح القالب التجاري.
وتأتي هذه الندوة في سياق حرص جمعية السينما على طرح الأسئلة الحقيقية التي تُعنى بجوهر التعبير الفني، والبحث في توازن الصورة بين من يروي… ومن يُروى عنه.