حينما تُغتال شرارة الإبداع في قلب المعلم .. بقلم: حسن أحمد الزهراني

المعلم ليس موظفًا عابرًا يوقع حضورًا وينتظر ساعة الانصراف؛ إنه رسّام الأحلام، وباني العقول، ومهندس الأرواح. غير أن وزارة التعليم – بقراراتها المتعاقبة – تكاد تُطفئ هذا البريق، وتُحيل رسالة التعليم من رسالة إنسانية إلى وظيفة مرهقة، محاصرة باللوائح والأنظمة.
بين المطرقة والسندان
المعلم اليوم يعيش بين مطرقة القرارات وسندان التكاليف؛ قرارات تحاصره داخل المدرسة وخارجها، فلا وقت يملك لإبداع، ولا متنفس يجد فيه فرصة للتجديد. ولعل آخر تلك القيود قرار ( نظام حضوري ) الذي في نظري لا يزيد جودة التعليم ، بقدر ما يزيد على كاهل المعلم أعباءً إدارية وروتينية لا علاقة لها بجوهر مهمته: صناعة جيل.
داخل الصف..
يُطلب من المعلم أن يكون موسوعة معرفية، وخبيرًا نفسيًا، ومُصلحًا اجتماعيًا، ومبتكرًا في الوسائل التعليمية، ثم يُحاصر بكم هائل من المناهج المكثفة الغير متخصص بها أحيانا والمهام الورقية والتقارير الإلكترونية التي تسلبه نصف وقته، وتتركه أمام طلابه منهكًا، فاقد الشغف، مكبلاً بجدول لا يعرف الرحمة.
خارج الصف ..
ولم تتوقف المعاناة عند باب الفصل، فالمعلم يُطارد خارج أوقات دوامه برسائل منصات، وتقارير متابعة،واختبارات مهنية ، ومهام لا تنتهي. حياته الخاصة لم تعد تخصه؛ أسرته تشتكي انشغاله، وصحته تهتز من ضغط نفسي متواصل، ومجتمعه يطالبه بثمرات لا تسمح له البيئة بإنتاجها.
الإبداع يُقتل والروح تُرهق
المعلم الذي كان يضيء قلوب طلابه بفكرة مبتكرة، أو نشاط إبداعي، أصبح يفكر ألف مرة قبل أن يجازف بفعل جديد؛ خوفًا من تعميمٍ مفاجئ، أو تقييمٍ جامد، أو مساءلةٍ إدارية. وهكذا قد تُقتل روح المبادرة، وتُدفن شرارة الإبداع تحت ركام القرارات.
كلمة حق
إن كنتم – يا وزارة التعليم – تؤمنون أن المعلم هو حجر الزاوية في نهضة التعليم، فخففوا عنه لا تثقلوا كاهله، أعطوه مساحة للابتكار لا جدرانًا من القيود، امنحوه الثقة لا الشك، فبقدر ما تزرعون فيه من أمان، يحصد الوطن من أجياله علمًا وإبداعًا وبناءً.
المعلم ليس موظف حضور وانصراف، بل حامل رسالة، فإن كُسرت أجنحته فكيف يُحلّق بطلابكم نحو المستقبل؟!!
الكاتب: حسن أحمد الزهراني