الكتاب

 خالد الصفيان .. رحلة إلى مملكة الذوق.. من التغريدة وحتى بلوغ الحلم

كتب – عبدالله ال غصنة

عرفت أخي وصديقي الاستاذ خالد بن محمد الصفيان من المرحلة الجامعية حيث جمعتنا كلية وسكن واحد في جامعة الملك سعود (الدرعية) بالرياض حيث درسنا سويا بكلية الاداب قسم الاعلام وشاءت الاقدار بعد تخرجنا أن تجمعنا الجبيل كمقر للعمل وقد سعدت كثيرا لاني التقيت فيه مجددا في هذه المدينة الجميله .

الكثير قد يعرف عن خالد أنه خلوق ومتواضع ومحب للعمل الاجتماعي الا اني كنت ارى فيه دائما أنه مواطن طموح غيور جدا ويتضايق بسرعة عندما يرى اي تصرف سلبي وخاصة فيما يتعلق بتشويه المرافق العامه او سلبيات الذوق الاخرى .

وعندما قام بتأسيس مبادرة الذوق العام مع مجموعة من الزملاء وسرعة التفاعل مع فكرة المبادرة خاصة من قبل امير المنطقة الشرقية وسمو نائبه والكثير من الشخصيات ذات العلاقة كنت على ثقة تامة بعد مشيئة الله أنه سيصل بها الى تعميم مجتمعي وهذا بالفعل ماحصل وعلى ضوء ذلك برغم قصر عمر المبادرة الا انها حصلت على جائزة الاميرة صيتة بنت عبدالعزيز للتميز في العمل الاجتماعي .

لقد كنت بين خيارين الخيار الاول ان اجري حوار مع الاخ خالد كسؤال وجواب حول الذوق العام وبين ان آخذكم في رحلة الذوق العام من خلال تلخيص لبعض. ماورد في الكتاب الذي قام بتأليفه وبعد أن استشرت زملاء مختصين اشاروا علي بالخيار الثاني وإليكم المحصلة :

(كنت أغار كثيراً كلما سمعت أحدهم يتحدث بانبهار عن رقي المعاملة والذوق في الخارج، مختتما كلامه بقوله: «هذا ما شاهدته في كوكب اليابان أو في أوروبا والدول المتقدمة»، ودائماً ما كانت تمتلكني الغيرة نفسها كلما استكثر أحدهم علينا بلوغ ما بلغته هذه البلاد في تعاملاتها وفي جميع تفاصيل حياتها، حتى نبت الحلم وولدت الفكرة، وخرجت إلى النور، لتبدأ اروع رحلة في العمر كله، رحلتي إلى مملكة الذوق.)

بهذا الكلمات التي تزينت بها صفحة الغلاف الخلفية أشار المؤلف خالد بن محمد الصفيان إلى أبرز دوافعه وغيرته الوطنية الواضحة لبدء رحلة هي الأطول في حياته الخاصة، وهي البحث عن مواطن الذوق في مختلف تفاصيل حياتنا داخل المملكة وخارجها، تلك الرحلة التي وثقها المؤلف في كتابه “رحلتي إلى مملكة الذوق” الصدار عن دار العبيكان في 372 صفحة من القطع المتوسط.
بدأ المؤلف رحلته في عام 2013 بمجرد تغريدة نصها:” لدي فكرة بإقامة حملة باسم “الذوق العام” يعني بتحفيز الآخر والمقصر بالحفاظ على كل ما هو جميل لما حولنا من نظافة وممتلكات، فهل تتوقعون سننجح”.

ألقى الصفيان سؤاله وطرح تغريدته التي قوبلت بموجة تفاعل عاصفة من المجتمع السعودي قبل ثمانية أعوام من الآن، ذلك التجاوب الذي كشف عن الشغف والتعطش للذوقيات في الحياة والسلوك وبحيث يصبح الذوق العام فكر وثقافة وسلوك يبدأ من كل إنسان ولا تحده حدود مكانية ولا زمانية، فقد يبدأ بك أنت ومن بيتك وشارع ومدرستك والمسجد الذي تصلي فيه ويخرج إلى الطريق ومواقع العمل والمطاعم والمولات التجارية وساحات الانتظار والملاعب وفي صالات السفر وفي كل مكان يمر به بني البشر وفي الزمن الحاضر والمستقبل أيضًا.

وبمرور الوقت وبمبادرة شخصية وحماس مجموعة محدودة آمنت بالفكرة والمبادرة، تعرف المجتمع السعودي والمجتمع العربي على الذوق العام، وتأسست الجمعية السعودية للذوق العام “ذوق”، وسرعان ما أصدرت المملكة لائحة فريدة للمحافظة على الذوق العام، وحصلت المبادرة على جوائز عالمية، إذا كان الهدف هو استدامة الأثر والبصمة الحقيقية في المجتمع السعودية كنقطة بداية وانطلاق إلى عموم العالم لاحقًا، وليس مجرد خلق حالة تفاعل مع وسم أو تريند على تويتر كما هو نهج هذه الأيام

يقول المؤلف في مقدمة كتابه:” وزادت حيرتي وشغفي ورحلة بحثي عن الذوق، بعد أن وجدت إشارات عديدة عليه منذُ بدء الخليقة واشارات ورسائل تحض على الذوق وحُسن المعاملة والقيم في ديننا الحنيف، وقد تبعت هذه الإشارات بالبحث والسؤال عمن المتخصص في الذوق، وقد زاحمت رأسي عشرات الأسئلة حول الذوق العام حينما بدأ لي كفكرة وليدة تفاعل معها المجتمع، بما يعكس رغبة أصيلة في تحري الذوقيات في جميع تفاصيل حياتنا، إضافة لرغبات جادة لتصحيح مسارات تجاوز الذوق في البيت والشارع والمدرسة والجامعة وأماكن التسوق والترفيه وجهات أعمالنا وفي كل مكان”.

وتعليقًا على صدور كتابه يؤكد الصفيان:” خلصت طوال هذه الرحلة إلى حقيقة أن الذوق لا يخص شخص بعينه ولا تخصص بعينه، وإنما هو حاجة وضرورة حضارية تتطلب استنفار الجميع كلاً في موقعه، النساء والرجال، الأطفال والشباب والكبار، العاملون والمتقاعدون، النساء في موقع أعمالهم وربات البيوت، الموظفون وأصحاب الأعمال، دور العبادة والمصلين، المطارات والمسافرين، الأسواق والمتسوقين، مواقف السيارات وقادتها، فئات وشرائح عديدة متعلمين ومثقفين وقادة رأي ورجال إعلام ودين.. سياسة واقتصاد وفن وترفيه، وعامة الناس، الكل مسئول بدرجة أو بأخرى عن الذوق وتحري الذوق في كل تفاصيل حياتنا، خاصة وقد أكدت تجارب الحياة أن نهج الذوق هو أساس من أسس نهضة وتقدم الأمم والشعوب، فهو قيمة مضافة للأفراد والمجتمع وعليه وبه تُبنى الحضارات وتبرز الدول في سلم التقدم الحضاري”.

يضيف المؤلف: نحن نتحرى الذوق لنرتقي ونصبح علامة فارقة بين الأمم، ولهذا تتميز بعض الدول وبعض الشعوب بتقدمها الكبير في مسيرة الذوق أقوال وأفعال وممارسات، تحول الذوق العام إلى سلوك وثقافة عامة تترسخ عبر الزمن.

اللافت في الكتاب لغته الرشيقة وتقسيمه المنطقي من انطلاقة الرحلة مع الابن فارس بحثًا عن الذوق بسلسلة لا تنتهي من الأسئلة التي تحاصر عقل الطفل الصغير وتضعه في مقارنات لا تنتهي بين ما يتعلمه في بيته وما يراه من سلوكيات في الشارع والمدرسة والمسجد والمطعم وعلى الطريق، وهي المساحة الأوسع التي عالجها الكتاب بالتفصيل في الفصل المعنون بالذوقيات في حياتنا، ثم تبعها بتجاربهم مع الذوق، حيث يقدم الكتاب شهادات حية لبعض أصحاب المعالي الوزراء مع الذوق إضافة لتجارب القادة الصناعيين رؤساء الشركات وبعض مشاهير المجتمع من الأوساط الفنية والرياضية وصولًا لتجارب أبناء وبنات الوطن الطلاب، سفراء الذوق المبتعثين للدراسة خارج المملكة، ولا يقف الكتاب عند المحطات الفارقة في عمر مسيرة الذوق العام سواء تأسيس جمعية “ذوق” أو الحصول على جائزة عالمية وتجاوب المبادرة وتفاعلها الإيجابي مع مستهدفات رؤية 2030 وحتى إصدار لائحة المحافظة على الذوق العام، لتستمر الرحلة ويمتد الحلم، حلم وجود هيئة عليا للذوق العام في بلد الحرمين، ذلك البلد المبارك مهبط الوحي وبزوغ نور الهدى التي أنبتت شجرة الذوق الوارفة هدية للإنسانية جمعاء.

سطور الكتاب وفصوله تخاطب الابن والأب في الأسرة والعائلة، والشباب والفتاة، المرأة والرجل، تخاطب رجل الأعمال والموظف في الدوائر الحكومية والخاصة، تخاطب رجال الإعلام وقادة الرأي والمؤثرين في منصات التواصل الاجتماعي، تخاطب العامل البسيط والمهندس والطبيب والأستاذ والمواطن العادي والمقيم.

تخاطبكم سطور كتاب الصفيان لتروي فكرة الذوق العام ورحلتها الممتدة لسنوات والتي لازالت في بداية الطريق، حيث هناك أفكار أخرى ومبادرات وبحوث ودراسات يجب أن تستمر، وجهود يجب أن تبذل لمواصلة رحلة “الذوق العام” حتى تصل الرحلة إلى هدفها ومحطتها المنشودة، وربما تأسست بمرور الزمن هيئة عليا للذوق العام في المملكة، وتلك خطوة رائد تسابق بها المملكة الزمن، وحتى يصبح شعبها سفراء للذوق العام في المملكة والعالم بحول الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى