شغف البلوت… لعبة تجمع الأصدقاء وتختبر الأخلاق .. بقلم / عطية الزهراني

بقلم / عطية الزهراني @atiyazahrani
لا تكاد تخلو المجالس أو المخيمات، خاصة هذه الأيام حيث الأجواء الربيعية، من لعبة البلوت، ولا تكتمل سهرات الأصدقاء إلا بحضورها.
هي ليست مجرد أوراق تُوزَّع وأرقام تُحسب، بل حالة اجتماعية متكاملة، لها طقوسها، وأبطالها، وحكاياتها التي تُروى بعد انتهاء اللعب.
في كثير من البيوت، تبدأ السهرة بالتحية وتنتهي بالبلوت، وتتحول الطاولة الصغيرة إلى مساحة تجمع الأصدقاء، وتكسر رتابة الأيام، وتخلق لحظات من الضحك والمنافسة والتحدي.
هذا هو وجهها الجميل… الوجه الذي يجعلها لعبة محببة وموروثًا اجتماعيًا حاضرًا بقوة.
لكن للبلوت وجهًا آخر لا يمكن تجاهله.
وجه يظهر حين لا يفهم اللاعب قواعدها جيدًا، أو لا يُدرك طباع من يشاركه اللعب، أو حين يختلط الحماس بسوء الفهم.
عندها، ما بين “أشكل أول” و”ثاني” و”أكثر” و”دبل”، تبدأ الأصوات بالارتفاع، وتختلف الآراء، ويشتد التنافس، وقد تخرج كلمات لا تُقال خارج إطار اللعبة.
تزداد حدة الموقف عندما يكون هناك فريق ينتظر دوره، أو خسارة غير متوقعة، أو إحساس بالظلم في اللعب.
وهنا تتحول المتعة إلى توتر، وتتحول اللعبة من وسيلة تقارب إلى سبب خلاف.
كل لعبة لها جمهورها، ولكل جمهور طباعه.
وكم من صداقة بدأت على طاولة بلوت، وكم من معرفة تعمّقت بسببها، وفي المقابل… كم من علاقة توترت أو ابتعدت لأن أحدهم لم يفرّق بين المنافسة والاحترام.
في النهاية، تبقى البلوت لعبة، مهما عظمت، ومهما اشتد التنافس فيها.
والوعي وحُسن التصرف من البداية هما الفيصل الحقيقي.
أن نعرف متى نضحك، ومتى نصمت، وكيف نتحمل الشخص المقابل، وأن ندرك أن الأخلاق لا تُختبر في الهدوء فقط، بل في لحظات الحماس والخسارة.
فاللعبة تنتهي…!
أما الأثر، فيبقى… نعم، يبقى.


