صندوق الاستثمارات العامة نموذج عصري للاتصال الاستراتيجي في مبادرة مستقبل الاستثمار

ناصر الشهري – الجبيل الصناعية
في كل عام تؤكد مبادرة مستقبل الاستثمار مكانتها كحدث عالمي لا يقتصر على كونه منصة اقتصادية تجمع القادة والمستثمرين من مختلف دول العالم بل تتجاوز ذلك لتصبح ساحة لصناعة الرسائل الاتصالية الذكية وصياغة المفاهيم الجديدة حول التنمية والاقتصاد.
وفي نسختها هذا العام 2025 برز صندوق الاستثمارات العامة بأداء اتصالي مميز يعكس نضجاً في الرؤية واحترافية في توظيف الحدث لتعزيز حضوره كأحد أهم الصناديق السيادية تأثيراً في العالم.
في تحليلي البسيط أن الصندوق أعتمد أسلوباً اتصالياً مختلفاً أقرب إلى ما يمكن تسميته بـ “الاتصال بالمعنى الاستراتيجي”، إذ اختار الظهور المتدرج وفق خطة مدروسة لتقديم ملامح المرحلة المقبلة من استراتيجيته دون اللجوء إلى الضجيج الإعلامي أو الخطابات المكررة.
وجاءت رسائله عبر سردية هادئة ومؤثرة ركّزت على جوهر الرؤية الأساسية وكان من أبرزها : تعظيم الثروة الوطنية وهي الرسالة التي شكّلت محور التواصل طوال أيام المنتدى.
كما نجح الصندوق في تصحيح بعض المفاهيم المرتبطة بمشاريعه الكبرى مثل نيوم بطريقة متزنة تمزج بين الشرح والتمهيد، مقدّماً للجمهور صورة أوضح عن أهداف تلك المشاريع ومستقبلها الاقتصادي دون الحاجة إلى بيانات أو حملات مباشرة.
كما ظهر المنتدى بجلسات نوعية عبر تمكين القيادات المختلفة داخل الصندوق من الظهور والتعبير عن أدوارهم وتوجهاتهم في خطوة تعكس ثقافة اتصالية مؤسسية تؤمن بأن كل صوت في المنظومة جزء من السردية الكبرى وهذا التنوّع في الأصوات عزّز الموثوقية وأبرز عمق الفكر الاتصالي داخل الصندوق.
كما شهدت المبادرة منتدى إدارة الأصول الدولي بمشاركة قيادات وشركات من خارج منظومة الصندوق على ارتباط بمشاريعه بشكل مباشر أو غير مباشر، من بينها جلسة قطاع البتروكيماويات التي شارك فيها على سبيل المثال الرئيس التنفيذي لشركة سبكيم بالجبيل الصناعية المهندس إبراهيم بن عبدالعزيز الرشود في جلسة حوارية تناولت تحديات فائض العرض في الأسواق العالمية وفرص تعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية.
ومن المبادرات اللافتة التي قدّمها الصندوق إطلاق (شبكة أخبار صندوق الاستثمارات العامة) وهي خطوة نوعية نحو بناء علاقة مستمرة ومباشرة مع الجمهور بلغة شابة ومبتكرة تسهم في تقريب رسائل الصندوق من مختلف الفئات.
ما قدّمه الصندوق خلال مبادرة مستقبل الاستثمار يمثل نموذجاً متكاملاً للاتصال المؤسسي الحديث حيث يجمع بين الاحترافية والابتكار ويحوّل الظهور الإعلامي إلى أداة استراتيجية لتوجيه الفهم وصناعة الانطباع.
فالعمل الاتصالي حين يُدار بهذا العمق، يصبح جزءاً من هندسة الصورة الوطنية، وركيزة أساسية في تعزيز مكانة المملكة وريادتها على الساحة العالمية.





