عمي… والدي بين {حسن نية القائل وسوء فهم المتلقي} .. بقلم / عطية الزهراني

بقلم / عطية الزهراني
في كل مناسبة اجتماعية نرتادها، نسمع كلمات تحمل طابع الود والاحترام: يا عم… يا والد.
يقولها شباب طيبون، بسطاء النية، يرون في الكبير مقامًا يُجلّ، وفي احترامه خُلقًا يُفتخر به. هذه العبارات نابعة من عمق ثقافتنا العربية، وليست طارئة ولا دخيلة. بل هي امتداد لبيئة تقدّر السن، وتمنح الكبير مكانته الطبيعية في المجالس والحوارات.
لكن المدهش أن بعض الناس—حين يسمع هذه الكلمات—يفسرها بالعكس تمامًا.
يظن أن مناداته بـ”يا عم” أو “يا والد” إعلان غير مباشر بأن دوره انتهى، وأنه فقد قيمته أو مكانته. وربما يعتقد أن منادِيه لا يعرف درجته العلمية، ولا مكانته الوظيفية، ولا وضعه الاجتماعي.
وهنا تتضح الفجوة…
بين حسن نية القائل و سوء فهم المتلقي.
في ثقافات أخرى، لا سيما الغربية، يبدأ الحوار بالسؤال عن الاسم والدرجة العلمية والمسمى المهني، ليُخاطَب الشخص بما يناسب مكانته. هناك تُبنى اللغة على الدقة، بينما تُبنى عندنا على الود والقرب والهيبة الاجتماعية.
ولذلك تجد المجتمعات المتحضّرة تجمع بين الاثنين: احترام الإنسان بصفته، وتقدير مقامه العمري أو العلمي بلا مجاملة زائدة ولا حساسية مفرطة.
فمتى نصل نحن إلى هذا التوازن؟
متى ندرك أن الكلمات ليست المشكلة، بل طريقة استقبالها؟
وأن “يا عم” ليست انتقاصًا… وأن “يا والد” ليست إعلان تقاعد؟
بل ربما تكون—في حقيقتها—أجلَّ خطاب وأصدق تحية.
تظل الكلمة مرآة للمتلقي…
فمن ضاق صدره رأى فيها إساءة،
ومن اتسع وعيه رأى فيها احترامًا لا يُشترى.


