لماذا نتطوع ؟

بقلم | سمية الصفار
قد نجدُ أسبابًا كثيرة تدفعُنا للتطوعِ، وقد نجدُ أسبابًا أُخرى تدفعُنا لئلّا نفعلَ ذلكَ بسببِ نمطِ حياتِنا القائمِ على أداءِ الفعلِ بمقابلٍ أو بعائدٍ ملموسٍ، وهذا قدْ يكونُ أولَ الأسبابِ الداعيةِ للقيامِ به.
فالعملُ التطوعيُّ فيهِ حياةٌ لا تنتهِي، بل تفيضُ وتنهمرُ، إنّه التغيير الذي سيجدِّدُ حياتَكَ، ويضيءُ نواحيكَ الإنسانيةَ كاملةً بالرضا والسلامِ الداخليِّ، ويُشعلُ روحَكَ بالحيويةِ، ويمحُو فكرةَ الأداءِ بمقابلٍ، تلكَ الفكرةُ المتجذِّرةُ بداخلِ الكثيرِ منَّا، ويكسرُ حواجزَ الخوفِ الكثيرةَ في حياتِنا التي أتتْ أيضًا منَ النمطِ المتسارعِ الذي نعيشُ فيهِ، فبعدَ أنْ تتغلَّبَ على هذهِ الحواجزِ ستصبحُ لأفكارِكَ أبعادٌ أُخرى أوسعُ وأعظمُ، وستحلِّقُ روحُكَ في آفاقٍ أسمى وأرحبَ، ولا شكَّ أنَّ ذلكَ يساعدُكَ على بناءِ ذاتِكَ بشكلٍ أقوَى لمواجَهةِ تحدياتِ الحياةِ القادمةِ، والأهمُّ أنهُ يعززُ منْ روحِ العطاءِ لديْكَ لتكونَ أنتَ نقطةَ التغييرِ لدَى الآخرينَ؛ وهذا هو الهدفُ. وهناكَ الكثيرُ والكثيرُ مما يعودُ بالنفعِ على النفسِ البشريةِ.
منْ واقعٍ ملموسٍ، ومع زِحامِ المسؤولياتِ وكثرةِ المتطلباتِ في حياتِنَا اليومَيةِ، فكلُّ هذهِ المنافعِ قدْ لا يستطيعُ الإنسانُ أنْ يحققَهَا أو يصلَ إليها إلا بعدَ أنْ يجدَ لنفسِهِ ما يقومُ بهِ طوْعًا، وأنْ يبذُلَ منَ الوقتِ والجُهدِ والفكرِ ما يحققُ المنفعةَ الخالصةَ للغيرِ. وكلمَا وجدْتَ كلَّ ثمينٍ بذلتَهُ يتجسَّدُ في رفعِ قيمتِكَ لدى المجتمعِ، ستجعلُهُ هدفَكَ الأسمَى، وستزدادُ حماسًا لتحقيقِ المزيدِ.
ومنْ واقعِ تجرِبَتِي في العملِ التطوعيِّ ومشاركتِي في التطوعِ الصحيِّ لدى الهيئةِ الملَكيةِ بالجبيلِ الصناعيةِ أثناءَ جائحةِ كورونا، فلقدْ وجدتُ أيادِيَ ممدودةً بالعطاءِ لا تمَلُّ ولا يصيبُها الفتورُ أوِ السَّأَمُ، ولا تستثنى أحدًا منَ العطاءِ، لقدْ وجدْنَا البذْلَ والعطاءَ منْ الزملاءِ وفرقِ العملِ والمسؤولينَ على حدٍّ سواء، وأيضًا منَ المنظماتِ التي كانتْ شريكةً لنا، كلُّ أولئكَ ساعدونَا على إظهارِ وتقديمِ أفضلِ ما لديْنَا. ولقدْ كانَ عطاؤهمْ وعونُهم خيرَ داعمٍ لتهيئةِ بيئةٍ إيجابيةٍ متعاونةٍ، بيئةٍ داعمةٍ ومحفزةٍ لنا كمتطوعينَ. وعلى ذِكْرِ رفقاءِ التطوعِ لا يفوتُنِي أنْ أُقدمَ التهنئةَ الخالصةَ لجميعِ زملائِي وزميلاتِي باليومِ العالميِّ للتطوعِ، فلهمْ عظيمُ التقديرِ، ولهمُ الشكرُ الجزيلُ.
____________________________
سمية الصفار
saffarsomia@gmail.com