أقلام واعدةالمقالات

هل المادة هي كل شيء ..؟

كان هذا السؤال يبادرني منذ الصغر وكان يكمن في داخلي منذ الطفولة ويكبر معي عندما أكبر وكان يلاحقني في كل مكان ، وكان عندي قناعة تامة أن المادة هي كل شيء بالنسبة للحياة وأن من أراد السعادة فهي بالمال ولا سبيل ولا مناص يوصل إلى بوابة السعادة إلا بالمال وأن المال هو ابتسامة الحياة التي نسمع عنها ، وعندما كبرت ونضج عقلي ونظرت لمن حولي من الناس ونظرت إلى نفسي أيقنتُ أني كنت مخطئ الطريق وأنَّ المادة ليست هي السعادة بذاتها بل هي جزء من أجزاء السعادة وبالإمكان الاستغناء عن هذا الجزء إذا رضيت بقسمتك التي قسمها الله لك ، المادة بإمكانها أن تهديك سيارةً فارهة و منزلاً جميلًا ولكنَّها لا يمكن أن تعطيك أناسًا طيبين تقضي جل يومك معهم تقاسمهم فرحك وألمك ولا تعطيك الصحة إذا مرضت ولا تمد إليك يداها إذا تعثرت بك الطرق ، وتوصلت أخيرًا أن السعادة ليست مرتبطة بالمادة بل هي مرتبطة بالرضى التام بقسمة الله لك وبذل المعروف وزراعة الابتسامة في وجوه الآخرين وإلى آخره من أبواب الخير ، وأيقنت كذلك أنه كم إنسان معطى في هذه الحياة ولكنه محروم ، تجد عنده المادة ولكنه محروم في صلاح أبناءه أو أنه يعاني من الأسقام أو عنده المنزل الكبير الذي ضيق بأهله ، وكم من منزل صغير ولكنَّه كبير بأهله، كبيرٌ بالإخاء الذي بينهم، كبيرٌ بابتسامتهم التي تملأ المنزل كبيرٌ بأصواتهم المرتفعه التي تكاد تسمعها من كل مكان وكبيرٌ أيضًا بتشاركهم الطعام على ذاك الإناء البسيط، وبالنهاية السعادة شيء بسيط ويسهل الوصول إليه ولكن نحن من جعلناه كبيرًا ويصعب الوصول إليه حينما ربطناها بأشياء محسوسة قد يحصل عليها المرء وقد لا يحصل عليها وأحيانًا السعادة مجرد قناعة وكم قال الشاعر :

أنا بالقناعة سيد لسعادتي
فإذا جشعت فإنني العبد الشقي..

وأيقنت كذلك أن القناعات تتغير مع مرور الوقت وأن ليس شيء يبقى على حال بل حتى أنت تتغير.

🖊 إبراهيم بن الحميدي الحربي

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى