
يُعد يوم 22 فبراير من كل عام مناسبة وطنية عظيمة في المملكة العربية السعودية، حيث تحتفل البلاد بـ “يوم التأسيس”، الذي يمثل ذكرى وضع اللبنات الأولى لدولة قوية ومزدهرة على يد الإمام محمد بن سعود عام 1727م.
ويجسد هذا اليوم الانطلاقة الحقيقية للمملكة ككيان سياسي مستقل، ما جعله محطة فاصلة في تاريخ الجزيرة العربية.
وفي ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط اليوم، تأتي ذكرى يوم التأسيس كمناسبة تذكّر العالم بالدور القيادي للمملكة، التي باتت ركيزة للاستقرار والتنمية في المنطقة، وساهمت في صياغة مستقبل أكثر ازدهارًا من خلال رؤية واضحة وطموحات لا حدود لها.
التأسيس: بداية عهد جديد في الجزيرة العربية
عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1727م، لم يكن ذلك مجرد قيام إمارة جديدة، بل كان إعلانًا عن نهج جديد يوحد القبائل تحت راية واحدة، ويؤسس لدولة تقوم على الأمن والاستقرار والازدهار.
جاء هذا التأسيس في وقت كانت فيه الجزيرة العربية تعاني من التشتت والصراعات القبلية، ما جعل الدولة السعودية الأولى بمثابة نقطة تحول تاريخية، حيث بدأت مرحلة جديدة من الوحدة والتنظيم السياسي.
ورغم تعرض الدولة السعودية الأولى والثانية لتحديات كبيرة، فإن جذور التأسيس ظلت راسخة، مما مهد الطريق لقيام الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الذي نجح في عام 1932م في توحيد البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية.
المملكة اليوم: إشراقة جديدة في الشرق الأوسط
بعد أكثر من ثلاثة قرون على التأسيس، أصبحت المملكة العربية السعودية نموذجًا عالميًا للنهضة والتقدم، حيث استطاعت بفضل رؤيتها الطموحة أن تتحول إلى قوة اقتصادية وسياسية مؤثرة في المنطقة والعالم.
1. رؤية 2030: انطلاقة نحو المستقبل
تُعد رؤية السعودية 2030 أحد أبرز ملامح هذه الإشراقة الجديدة، حيث تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتعزيز الابتكار، وجذب الاستثمارات، وتمكين الشباب. ولعل النجاحات التي حققتها المملكة في مجالات التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، والسياحة تؤكد مدى التقدم الذي أحرزته على طريق التحول إلى اقتصاد حديث ومستدام.
2.ريادة إقليمية ودور دبلوماسي مؤثر
لم تقتصر إنجازات المملكة على الداخل، بل امتدت إلى الساحة الإقليمية والدولية، حيث تلعب دورًا محوريًا في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال جهودها في الوساطة وحل النزاعات، إلى جانب دعمها للقضايا العربية والإسلامية.
3.مشاريع تنموية تعيد تشكيل المنطقة
تواصل المملكة تقديم مشاريع تنموية ضخمة تعيد تشكيل المنطقة، مثل مشروع نيوم، والقدية، ومشروع البحر الأحمر، وهي مبادرات لم تقتصر على تحقيق التنمية الداخلية فحسب، بل تهدف إلى جعل السعودية مركزًا عالميًا للابتكار والسياحة والاقتصاد المستدام.
الاحتفال بيوم التأسيس: تجديد العهد مع التاريخ والمستقبل
يمثل الاحتفال بيوم التأسيس فرصة لاستذكار الإرث العريق للمملكة، وتعزيز الهوية الوطنية، وتجديد العهد لمواصلة البناء والتطور. وتشهد المملكة خلال هذا اليوم فعاليات ثقافية، وعروض تراثية، واحتفالات رسمية تهدف إلى إبراز تاريخها العريق والتأكيد على قوة تلاحم قيادتها وشعبها.
كما يُشكل يوم التأسيس مصدر إلهام للأجيال الجديدة، حيث يُذكرهم بأن النجاح الذي وصلت إليه المملكة اليوم هو امتداد لتضحيات الماضي، وأن المستقبل يُبنى بالعمل الجاد والإصرار على تحقيق الأهداف الطموحة.
خاتمة
يوم التأسيس ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو تأكيد على استمرار مسيرة المملكة نحو الريادة والتميز. فبعد ثلاثة قرون من التأسيس، تواصل السعودية رسم مستقبل مشرق، ليس فقط لنفسها، بل للشرق الأوسط بأسره. ومن خلال التزامها بالتنمية والابتكار والاستقرار، تبقى المملكة رمزًا للإشراقة الجديدة التي تعيد تشكيل المنطقة نحو مستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارًا.
بقلم المحامي د. عبداللطيف الخرجي
أستاذ القانون في كليات الأصالة