المسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي في الأزمات

بخيرها وشرّها وخلال جائحة كورونا المستجد “كوفيد 19” كان الأغلب من المختصين بالعمل في مجال المسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي على قدر كبير من المسؤولية، بل أنني قرأت ذات مرة جُملة قيل فيها :
“وتخرج المنح من المحن” فجعلتي أقف بعيداً بنظرة واسعة حول جدّية البعض وخمول الآخرين.
دعونا نتفق على أن الجهات والفرق التطوعية التي لاتملك الأدوات الناجحة في صناعة الأثر وابتكار الفرص الابداعية في الأزمات هي مجرد أرقام في خريطة عالم المسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي، وقد يصيب هذا البعض بالإحباط أو بالعتب على مقالتي هذه، ولن الحقيقة هي من تقول هذا.
كثيراً ماتفقد تلك الجهات بريقها في وقت الشدائد عندما لايكون هناك رؤية ورسالة وأهداف موضوعة بدقّة ويعمل عليها أشخاص يؤمنون بمرونة تحقيقها في أي وقت كان، ولكن العتب الأكبر على من كانت مساهماتهم ضعيفة وكانت الأسباب واضحة ولازال يُصّرُ بعضهم على الإستمرار وأصحاب القرار ومسؤليهم كذلك على عدم تغيير أي شيء.
أن تشكيل مجالس تلك الجهات ومن يعملون بها كانت تحتاج لمراجعة حقيقية ولعل هذه الجائحة ستكون باب خير لوضع النقاط على الحروف ومعالجة ذلك القصور.
لم يكن من الصعب أن يساهم الجميع ولكن كان الأصعب من يستطيع ابتكار المُبادرات والفرص التي تتلائم مع هذه الأزمة وتخلق الفرق بما يحقق استمرارية العطاء ودعم الجهود المبذولة من الجهات ذات العلاقة، بل إن البعض وبكل أسف ورغم البرامج الكثيرة خلال العام كان خلال الأزمات متوقفاً ينتظر الفكرة أو ينتظر المشاريع الجاهزة وربما قام باستنساخ ماقام به غيرهم فطبقوه على استحياء وربما بشكل محدود وضعيف.
لعلي ومن وجهة نظر بسيطة أقول بأن قوة المنظمات الغير ربحية ومدى استدامتها في الأعمال يكمن في الشفافية العالية في الموارد والميزانية المالية بما يتيح للعاملين بها من معرفة حدود تحركاتهم وبناء مشاريعهم، كما أن توظيف واختيار الكوادر البشرية له تأثير جوهري وهام في استدامة وطريقة التفكير للمُبادرات والمشاريع، ولا ننسى أن تفعيل العمل التطوعي وقوة العلاقات العامة والإعلام في هذه المنظمات الغير ربحية في مجال المسؤولية الاجتماعية أو العمل التطوعي له القوة الأكبر في توسيع دائرة المنظمة للمجتمع والتسويق لها واكتساب المزيد من الثقة.
قد يطول الحديث في هذا الأمر ولكن من المهم جداً إعادة النظر فعلياً من قبل أصحاب القرار والمسؤولين عن تلك الجهات التي كانت تعمل باستحياء خلال الأزمات وامعان النظر في أوجه القصور ومعالجتها وتدعيم الصفوف بقادة ومحترفين في مجال المسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي، لأننا نؤمن وبقوة بأن دور القطاع الثالث الغير ربحي والفرق التطوعية هو دور هام ومكمّل وداعم لجهود القطاع الحكومي والخاص في المجتمعات بشكل عام وفي وطننا الغالي بشكل خاص.
ناصر بن صالح الشهري.
Niizalshehri@