الجبيل اليوم | بقلم نعيمة القحطاني
استوقفني صوتها الطفولي الباعث للسعادة عندما سألتهن: من منكن قدمت خدمة تطوعية للوطن ؟ كان ردها سريعاً، معلمتي !!ماذا تقصدين بالخدمة التطوعية ؟ ثم تتالت أصوات زميلاتها الصغيرات بشكل متسارع لتعبر كل طفلة عن التساؤل بداخلها ، ماهو التطوع !؟ وترد أخرى: يقصد به التصدق ، ويعلو صوت طفلة : أنا شاهدت أختي تقدم حملة تطوعية ولكن لم أفهم ماذا تفعل بالضبط !
اندهشت من كم الأسئلة التي انهالت علي ،ووجدت نفسي أمام صفحة بيضاء تحتاج من يرسمها ويخططها ،وطفلة تحتاج من يوجهها ، كان هذا السؤال هو مدخل تمهيدي لدرس في منهج لغتي الجميلة ، تزامن مع اليوم العالمي للتطوع ،إلا أن هذا الكم الهائل من المعلومات في المنهج الدراسي ،والوقت القصير للتعلم عن بعد، جعلني أغلق النقاش بعد توجيه بسيط وعرض لمعنى التطوع ورؤية مملكتنا للمليون متطوع.
تلك الرؤية التي سعت لتطوير التطوع بشكل سريع ، فتم تدشين منصة العمل التطوعي بعيداً عن العشوائية ، وظهرت جهود المتطوعين بشكل ملموس مع جائحة كورونا وتحديداً ” التطوع الصحي”، من تنظيم وإدخال بيانات وغيره ، إلا أن الفئة العمرية التي تم التركيز عليها من 18 سنة وما فوقها ، وظل الطفل يبحث عن إجابات يعتقد في مخيلته أنه سيعرفها عندما يكبر، ويترقب انتقاله لمرحلة عمرية أكبر تتيح له تقديم خدماته التطوعية ، وفي الواقع مرحلته العمرية هي المرحلة المناسبة لغرس التطوع وتنمية شخصيته وتوجيهه..
أيقنت بأن المعلم في الميدان هو المتلمس الأول دائماً لاحتياجات أبنائنا ، فتلك الأسئلة بأصواتها الطفولية مازالت تتردد في ذهني، رغم أن مرحلة الطفولة تعد أفضل المراحل لغرس القيم ،ورغم أن هذا الجيل سيشهد العالم من خلاله تحقق الرؤية إلا أنه يفتقد لأساسيات التطوع بحكم صغرهم.
بعيداً عن العطف والعطاء والتعاون والتراحم الذي تغرسه المدرسة في نفوس الأطفال ،أجد أنه لابد من تقديم ورش عمل وزارية لفن التطوع وتقديمه في قالب طفولي توجيهي، ثم تطبيق تلك الورش بحملات تطوعية تناسب أعمارهم ،وتنمي سلوكهم الإيجابي ،وذكائهم الإجتماعي ،وكذلك تصقل مهارتهم الناعمة وقدراتهم الذهنية، ليخرج جيلاً واثقاً بنفسه ،ناشراً للسعادة لمن حوله ، بالإضافة لجهود المدرسة من طرح مسابقات لأفضل فكرة تطوعية تختص بهذه المرحلة العمرية واحتياجاتها ،ليتلمس الطفل احتياجات من حوله ويكون قادر على تحديد المشاكل وحلها بشكل علمي مناسب ،وكذلك اختيار أفضل متطوع على مستوى المدرسة وعرض أعماله التطوعية ليكون مثالاً يقتدى به ، وإضافة قسم “الخدمة المجتمعية ” في المدارس وتخصيصها للخدمات التطوعية للمؤسسة التعليمية فذلك ينمي لدى الطفل الولاء للمجتمع الذي يعيش فيه ، كل تلك الفعاليات يجب أن تندرج تحت مسمى واضح وهو (التطوع) فيصبح الطفل واعياً لثقافة التطوع في مرحلة الطفولة وتؤهله ليكون مستعداً لمرحلة عمرية أكبر ، ومع الانتقال لهذه المرحلة تفتح له صلاحيات أكبر ليقدم خدماته التطوعية لوطنه.
ولاننسى دور الأسرة في تحفيز أبنائهم على العمل التطوعي والخروج به عن إطار التصدق ، فجعل الطفل مشاركاً ومسؤولاً هو أعلى درجات الثقة التي تقدم للطفل.