التعليم

” الروائية السعودية أسماء بوخمسين ” : “الرواية السعودية”متسيدة المسرح وحصدت الكثير من الجوائز

خلال مشاركتها في معرض الكتاب بالجبيل :

جيل اليوم | سمية آلخير . الجبيل 

 ولدتْ وترّبتْ في منطقة الأحساء في أسرة  تُحِب  الكتاب وتُجِلّه  فتعلقت به منذ نعومة الأظفار، درست علم الإجتماع ، عملت بمجال التعليم زمنا طويلا، كتبت  تسعة عشر قصة  للأطفال، ثم كتبت روايتها الأولى  (السدرة) الصادرة عن مركز الأدب العربي للنشر والتي لاقت نجاحا كبيرا وكانت موجودة بمعرض الجبيل الأول للكتاب ونفدت أعدادها، إلتقيناها في الحوار التالي لتحكي لنا عن نشأتها وعن التعليم و الكتابة    :

ما هي العوامل التي  أثرت في تكوينك ككاتبة؟ :

لا شك أن للبيئة تأثيراً كبيراً في نشأة الفرد حيث  نشأتُ في بيت يقدس الكتاب ويجلّه، فعشقتُ المطالعة والكتب منذ حداثة السن. وإلتهمت  كتبا كثيرة في جميع المجالات.

أوقات مبهجة مع الكتاب

هل كان يدور بخلدك أنك  ستكونين كاتبة؟

القراءة المكثفة ، والإعجاب بالكلمة المكتوبة ، وقضاء أوقات مبهجة مع الِكتاب ، يجعل الكتابة هاجساً ؛ لكن معظم  ما كتبته بقي حبيس الأوراق دون نشر حتي  أصرّت السِدّرة-روايتي الأولي- أن تظهر للعلن

أكتب لأن أفكارا تقض مضجعي

في كتاب حررته الكاتبة ميرديريث مارن أجاب عشرون كاتبا عن سؤال ماذا نكتب ما هي إجابتك عنه؟ :

لماذا نكتب؟ نعم يطرح هذا السؤال دوما ، وتتباين الإجابات . وفي رأيّ لا يمكن أن يكتب المرء لسبب واحد، فأنا أكتب لأن فكرة أو أفكارا تحتدم في ذهني ، تقض مضجعي وتجبرني على استنطاقها بكلمات مكتوبة ، أشعر بالمتعة أثناء هذا الخلق والإبداع، أكتب لأن هناك ما أود أن أقوله ويشاركني فيه الآخر، كما يكتب المرء لأن هناك قضية ما يود طرحها، أو حق يدافع عنه، وكذلك  يكتب لأن جمالاً بألوان قوس المطر يريد أن ينشره، أوغضباً يضيق به صدره أو فرحاً يحلق به عالياً في السماء .

بعض من الواقعية السحرية

 حدثينا عن رواية السدرة ؟

عندما كتبت رواية   ( السِّدرة ) حاكت في صدري أمكنّة ، وغمرني المشموم والعنبر، والعود الأصيل ، وتراءت أمامي شخصيات بلون عيونها، ورائحة أجسادها التي تنضح بالتعب والعوز، في زمن يقل فيه الرزق، سمعت عنها في حكايا الأمهات والمسنّات ، وتجسدت مطالبةً بأن أُخبِر عنها ، ورأيت فيها تراثاً  ثقافياً وإجتماعياً ؛ من أهازيج قديمة ، وأمثلة محلية ، وأغانٍ شعبية،  من الضرورة حفظه وحكايته للأجيال ، فألبستها أردية من المخيال ؛ فكانت الِسّدرة بظلالها وثمرها وبركتها ؛ بطلها منصور الذي يعيش صراعاً داخلياُ،  لشعوره باليتم والنبذ ، ويجد في القط الأسود قريناً وحامياً ، يتنقل بين البيوت حتى يستقر في منزل والده فتىً ذكياً مميزاً ، يطوف بلاد الهند تاجراً مع والده ،  وبالرغم من زواجه، إلا أنه يضم بين أضلعه عشقاً لعيون عسلية هندية  .يجتاح  بلاده   وباء الكوليرا  فيموت أحبته ، و يعصره الحزن والفقد فيعصف بمن حوله . وتدور الرواية  في واحة الأحساء في بداية القرن العشرين ، يتنقل أبطالها بين الهفوف ومدينة بومبي الهندية والأهوار في العراق . في ظل شيء من الواقعية السحرية.

أكتب ما أحسه

لأي قارئ تكتب أسماء بو خمسين؟

عندما أكتب أنغمس في عالم متخيل ، يختفي القارىء والناقد من أمامي ، أجد نفسي في زمن مغاير ، ومكان مختلف ، وعيون محدقة لا أحد يراها غيري ، تتزاحم الصور والمشاهد كلمات وعبارات على الأوراق أمامي، لتكوّن عالماً جميلاً راقصاً ..أو حزناً يعصر الحشا. بعد انتهاء العمل أجد عين المُدقق تحدق فيما خطَطته ، فأعاود القراءة المتأنية ، واستحضر العقل الواعي ، فأصحح هنا ، وأحذف كلمة أو جملة هناك ؛ وقد أزيل صفحة كاملة . أقرأ مرة أخرى بصوت عالٍ ، بعين القارىء،  ويظهر النشاز فيما كتبته إن وجد، فأحذفه . أكتب بما تمليه المُخيّلة ، وأصحح بعين الناقد ، وأحذف بعين القارىء . لم أكتب لقارىء معين ، كتبت ما أحس به.

من هو الكاتب الذي تسحرك كتاباته؟ : 

كثير من الكُتّاب أعجبت بكلماتهم الساحرة ، وعوالمهم العجيبة، من كُتاب الرواية ، ولكن يبقى  نجيب محفوظ هو الكاتب العربي الذي ما زلت كلما أعدت قراءته ، أزداد إعجاباً.

أخذ وعطاء

كان لك في مجال التعليم باعاً طويلا ماذا قدمت لكِ هذه التجربة؟ :

لا شك ان تلك المرحلة أثْرتني حيث  المراجع العلمية الدسمة، لمادة الاجتماع وعلم النفس وهو ما درستّه في المرحلة الثانوية التي  تجبر المرء على البحث والإستقصاء في الظواهر الإجتماعية وأغوار النفس الإنسانية،  كما أن التفاعل مع العقول الشابة المندهشة والمنفتحة على الجديد يجعل التجارب ثريّة متنوعة ، ويحفز على المزيد من القراءة والبحث. كما أن المعلم يتعلم أثناء المناقشة وطرح الأسئلة التي تستوجب التفكر والتنقيب، فلا شك أن مهنة التعليم فيها عطاء وأخذ.

الكون بعيون الصغار

هل الكتابة للأطفال أسهل من الكتابة للكبار؟

لقد كتبت عشرين قصة موجهة للطفل ، تسع عشرة قصة بالتعاون مع إحدى المدارس الأهلية لتطوير مشروع القراءة ،هذه القصص خضعت لمحكات تربوية معينة، أما القصة التي أعتبرها قريبة لنفسي، فهي موجهة للأطفال المرضى بالسرطان، إسمها ( المُهر سالم ) تحكي عن مشاعر الطفل المصاب أثناء فترة العلاج ، وتجيب عن بعض تساؤلاته عن هذا المرض .    إن الكتابة للأطفال تحتاج لدراسة ودُربة ومران،  فالمطلوب من الكاتب أن يحيا في عالم الطفل ويلتحف بمشاعره ، ويرى الكون بعيون الصغار المُنبهرة  بكل جديد.  كل كتاب للطفل من الضرورة بمكان ، أن يحمل قيمة أخلاقية مغلفة بأردية من المتعة والبهجة ، تدهشه وتعززها في نفسه، وفي ظل تنافس وسائل التقنية الحديثة مع الكتاب ،  تحتاج الكتابة للأطفال جهودا مكثفة ،  لنسحب البساط من تحت عالم التقنية الذي أخذ بعقول الكبار فما بالك بالصغار . فكثير من الكتاب قد جمعوا الكتابة للأطفال والكبار مثل  الكاتب العالمي الروسي تولستوي كتب قصصاً للأطفال ،وكذلك  أمير الشعراء  أحمد شوقي له أشعار بديعة للصغار ،وعندنا هنا أيضا  الروائية السعودية المتألقة أميمة الخميس لها أكثرمن قصة جميلة للأطفال وغيرهم كثير .

سيدة المسرح

أين موقع الرواية  السعودية من العالمية؟  

الرواية السعودية ، وإن جاءت متأخرة عن  العربية فضلاً عن الرواية العالمية ، لكنها متسيدة المسرح في الوقت الحاضر ،  وقد حصدت الجوائز  ، وأبدع  الكثيرمن الكُتّاب السعوديين في مجالات أدبية متعددة .

فرص للإنتشار

هل الجوائز مهمة في مسيرة الكاتب؟

لا أحد ينكر  أثر الجوائز الأدبية في الإعتراف من قبل هيئات مختصة بتقدير العمل الأدبي المنجز ،  وفي الجوائز تحفيز للكاتب للمزيد من الأبداع، فضلا عن فرص كبيرة للإنتشار ، وترجمة العمل . وتعددت الجوائز العربية على سبيل المثل لا الحصر:   جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب، الجائزة العالمية للرواية العربية، جائزة الشيخ زايد للكتاب،  جائزة نجيب محفوظ وغيرها . وكان للكتاب السعوديين نصيب مجز فيها .

ما هي روايتك  القادمة؟

روايتي القادمة مازالت خيوطا متشابكة في ذهني ؛ شخوصها لم تنجلِ ملامحهم أمام بصري بوضوح ، ولم أطلع على أغوارهم النفسية بعد.

الكتب أصدقاء

كلمة عن القراءة لهذا الجيل :

الكتب أصدقاء ، ينتظرونك بصبر مهما طال الأمد، يرافقونك في المكان الذي تقترحه دون تذمر ، تتلون أحاديثهم حسب ما تود وترغب ، أليسوا بأصدقاء يجب أن نتمسك بصحبتهم ، نلجأ بعد الله إليهم في ساعات الضيق ، ليزيحوا عنا همومنا، ونستلهم عَبرهم خبرات الآخرين .

 

 

.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى