
إن الصحة النفسية ليست مجرد غياب الاضطرابات، بل هي حالة من التوازن العاطفي والسلوكي تُتيح للطلاب التعلّم والتفاعل والنمو بفعالية في البيئة المدرسية، وتُعد الصحة النفسية حجر الأساس لبناء شخصية متزنة، وتعزيز التحصيل الدراسي، وتكوين علاقات إيجابية بين الطلاب والمعلمين.
وتبرز أهمية الصحة النفسية بالمدرسة في تعزيز التحصيل العلمي للطالب فعندما يشعر بالاستقرار النفسي يكون أكثر تركيزًا واستيعابًا ، وكذلك الحد من السلوكيات السلبية فالتوازن النفسي للطلاب يقلل من ظواهر مثل العنف والتنمر والانسحاب الاجتماعي ، ويدعم النمو الشخصي والاجتماعي لهم ، فالصحة النفسية الجيدة تساعد الطالب على بناء هويته وثقته بنفسه ، ووجود بيئة تعليمية آمنة توفر الدعم النفسي تساهم بشكل كبير في خلق بيئة مشجعة على التعلّم والتعبير.
ومن أبرز التحديات النفسية التي تواجه الطلاب في المدارس هو القلق والتوتر بسبب الضغوط الأكاديمية وكثرة الواجبات المنزلية ، وكذلك التنمر المدرسي ، بالإضافة إلى ضعف الدعم الأسري أو التفكك العائلي إن وجد ، وكذلك قلة برامج الدعم النفسي في بعض المدارس.
ولذلك يكون دور المدرسة في تعزيز الصحة النفسية مهم جداً ابتداءً من دعم الموجهين الطلابيين المتخصصين وإعطاء البرامج النفسية الأولوية القصوى في ظل المتغيرات التعليمية المتسارعة والمواكبة للنماذج العالمية والتي تعتبر كمراحل انتقالية تظهر فيها بعض الصعوبات لدى الطلاب ، ويكون التوجيه الطلابي هو مصدر الأمان والاستقرار لهم، وكذلك إقامة برامج توعوية عن الصحة النفسية وتدريب جميع المعلمين للتعرف على علامات الاضطراب النفسي ، مع أهمية فتح قنوات تواصل بين المدرسة والأسرة لدعم الطالب نفسيًا.
الصحة النفسية ليست جانبًا ثانويًا في العملية التعليمية بل هي جوهرها ، فمدرسة تهتم بنفسيات طلابها تخرّج أفرادًا أكثر قدرة على النجاح والتفاعل بإيجابية في المجتمع ، والاستثمار في برامج الصحة النفسية في المدارس هو استثمار في مستقبل الوطن.
خطوة قلم :
هناك حالات اكتئاب شديدة شُخّصت بعد محاولات انتحار مفاجِأة رغم أن أصحابها “كانوا يضحكون دائمًا”، وهناك اضطرابات قلق واجترار يعيش أصحابها ألمًا داخليًا ولكنهم يُظْهِرون أنهم اجتماعيين ومتماسكين ، الصحة النفسية لا تُقاس بالضحك ولا بالمظهر، ولا تُلخّص في كلمات عابرة.
بقلم: د. محمد بن مرضي