الكتاب

الرياضة والصحة النفسية في بيئة التعليم العالي .. بقلم: الأستاذ: محمد صلاح جاد

في ظل تسارع الحياة الجامعية وضغوط الدراسة والتقييم والمستقبل المهني، أصبح الاهتمام بالصحة النفسية للطلاب مطلبًا أساسيًا لتحقيق التوازن والنجاح. ومن بين الوسائل الفعالة التي أثبتت الدراسات دورها الكبير في تعزيز هذا الجانب، تأتي الرياضة بوصفها أداة متكاملة للعافية الجسدية والعقلية.

فالرياضة لا تقتصر على تنمية العضلات أو تحسين اللياقة البدنية فحسب، بل تمتد آثارها لتشمل تحسين المزاج وتقليل القلق والاكتئاب وزيادة التركيز والانضباط الذاتي. إذ يفرز الجسم أثناء ممارسة النشاط البدني مواد كيميائية طبيعية تعرف بـ “هرمونات السعادة”، مثل الإندورفين والسيروتونين، التي تسهم في تحسين الحالة النفسية وتعزيز الشعور بالراحة والثقة بالنفس.

وفي بيئة التعليم العالي، تمثل الأنشطة الرياضية الجامعية متنفسًا صحيًا للطلاب، وفرصة للتعبير الإيجابي عن الطاقات والتفاعل الاجتماعي. كما أن المشاركة في الفرق الرياضية أو البرامج الترفيهية تعزز روح الانتماء للمؤسسة التعليمية، وتساعد الطلاب على بناء صداقات وعلاقات إيجابية تقلل من مشاعر العزلة والتوتر.

ومن هذا المنطلق، دوما ما تبادر كلية الفيحاء الأهلية بالجبيل، من خلال وحدة شؤون الطلاب وأنشطتها المختلفة، إلى ترسيخ مفهوم “العقل السليم في الجسم السليم” داخل الحرم الجامعي. فالاهتمام بالرياضة لا يُعد ترفًا، بل استثمارًا حقيقيًا في صحة الطلبة وسعادتهم ومستقبلهم الأكاديمي.

إن الدمج بين النشاط البدني والدعم النفسي في الجامعات يمثل خطوة جوهرية نحو بيئة تعليمية أكثر توازنًا وإبداعًا، تُخرّج أجيالًا قادرة على العطاء بعقول متقدة وأجسام سليمة ونفوس مطمئنة.

إن قصص النجاح الرياضية في الرياضة ليست مجرد بطولات تُرفع فيها الكؤوس، بل هي تجسيد لقيم المثابرة والعزيمة والإصرار. إنها رسالة لكل طالب وطالبة بأن التميز لا يقتصر على القاعات الدراسية، بل يمتد إلى ميادين التحدي الرياضي، حيث يتشكل القادة وتصنع القدوات

قصة بطل جامعي: من قاعات المحاضرات إلى منصات التتويج

في إحدى الجامعات السعودية، كان سالم العتيبي طالبًا عاديًا في كلية الهندسة، يقضي معظم وقته بين الكتب والمشاريع. لم يكن يتوقع أن يصبح يومًا ما بطلًا رياضيًا يمثل جامعته والمملكة في بطولات محلية ودولية.

بدأت القصة حين شارك سالم صدفةً في سباق الجري الجامعي، بعد أن شجعه أصدقاؤه على التجربة.

لم يكن مستعدًا، لكنه فاجأ الجميع بفوزه بالمركز الأول، بفضل لياقته العالية وحبه للمنافسة. لفت أداؤه أنظار مدرب المنتخب الجامعي، الذي دعاه للانضمام إلى الفريق والتدرب بشكل احترافي.

ومع مرور الوقت، واجه سالم تحديات كثيرة — توازن صعب بين الدراسة والتدريب، وضغوط نفسية من الامتحانات والسفر، لكنه كان يؤمن أن الانضباط سر النجاح. فكان يستيقظ قبل الفجر للتدريب، ثم يذهب إلى محاضراته بكل التزام، محافظًا على تفوقه الأكاديمي.

وفي عام 2024، شارك سالم في بطولة الجامعات الخليجية، وفاز بالميدالية الذهبية في سباق 400 متر، ليصبح مثالًا يحتذى به في الإرادة والطموح. احتفت به جامعته كبطل لا يجسد فقط التفوق الرياضي، بل أيضًا التوازن بين العقل والجسد.

بقلم: الأستاذ: محمد صلاح جاد

محاضر الفيزياء مدير وحدة الإرشاد الأكاديمي – كلية الفيحاء  الأهلية بالجبيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى