الكتاب

التعصّب الرياضي … لما يتحوّل التشجيع إلى مشروع حياة! .. بقلم : أحمد سلطان الهزاع

يا جماعة الخير… الرياضة وُجدت عشان المتعة، عشان نفرح ونحمّس ونتفاعل، مو عشان نعلن حرب أهلية بين جماهير المدرجات!

لكن في ناس أخذوا الكورة وكأنها قضية وطنية، وصار الواحد إذا شجع فريقه يحس إنه شايل هم الدولة على كتوفه!
التعصّب الرياضي عندنا تعدّى مرحلة “أنا أحب فريقي”، وصار مشروع هوية وشهادة خبرة وبطاقة تعريف اجتماعية.
المتعصّب ما يشوف المباراة… يعيش داخلها!

إذا الحكم صفّر، انفعل.

وإذا اللاعب عطس، قال: “تمثيلية واضحة!”.

وإذا خسر فريقه؟ تبدأ الأعذار الجاهزة:

• الحكم ضدنا.

• الأرضية كانت سيئة.

• اللاعب ما كان مركز، يمكن يفكر في العشا!

وفي أخبار ما تدخل العقل، سمعنا عن رجل طلّق زوجته لأنهم يشجعون فريقين مختلفين!

وعندنا بعض العائلات يتوارثون التشجيع كأنه إرث مقدّس: الجد نصراوي، الأب نصراوي، والحفيد جاهز يولد بالنشيد في أذنه!
أما أنا، أعشق الكورة وألعبها إلى اليوم، ومع ذلك أُتَّهم بالتخلّف لأني ما أتابع ولا أشجع.

يعني لازم أتعصّب عشان أكون فاهم في الرياضة؟

وفوق هذا كله، تدخل مواقع التواصل تلاقي كل واحد صار محلّل فني عالمي، يتكلم بثقة المدربين الكبار، وهو يمكن آخر مرة لمس كورة كانت في “الفسحة” بالمدرسة!

وإذا فاز فريقه، تلاقيه ينظّر بثقة، وإذا خسر… يختفي أسرع من شبكة الواي فاي في الاستراحة!

أما المضحك المبكي، يوم يصير السؤال الأول في أي نقاش:

– “السلام عليكم.”

– “وعليكم السلام… بس لحظة، أنت تشجع مين؟”

التعصّب صار له منهج غير مكتوب:

• الوحدة الأولى: كيف تزعل من شخص ما تعرفه لأنه قال رأيه.

• الوحدة الثانية: كيف ترفع صوتك على واحد بعيد عنك بثلاث مدن.

• الوحدة الثالثة: كيف تقتنع إن فريقك مظلوم دائمًا، والباقين متآمرين عليك.

الرياضة ذوق ومتعة وتنافس شريف، مو معركة ولا ميدان تصفية حسابات.

شجّع فريقك، وافرح وازعل طبيعي… بس لا تخلي الكورة تسرق منك عقلك وراحتك وعلاقاتك.

وتذكّر دايمًا: انتماؤك الأكبر لوطنك، مو لفريقك.

وخلك فاهمها صح:

فريقك يحبك…

بس والله ما يدري عنك!

بقلم : أحمد سلطان الهزاع

مستشار اداري وفنان تشكيلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى