الكتاب

منازل للفخامة أم للسكينة؟ .. بقلم / عطية الزهراني

بقلم: عطية الزهراني

{منزل ماسك… الذي انتصر على الثروة}

لم تعد البيوت في زمننا مجرد أماكن للسكن والطمأنينة…

بل تحوّلت عند كثيرين إلى ساحة سباق مفتوح، سباقٍ للوجاهة والترفيه والمقارنات، حتى أصبحت بعض المنازل تُبنى للعرض أكثر مما تُبنى للعيش.

أقف متأملاً أمام هذا التحوّل، كلما سمعت حوارًا يدور حول:

“كم كلّف البيت؟ كم دور؟ كم مجلس؟ كم متر؟”

وكأن قيمة الإنسان أصبحت تقاس بالرخام والإطلالات وعدد المداخل والديكورات.

لكن… في لحظة صامتة، وأنا أشاهد صور منزل إيلون ماسك—أغنى رجل في العالم—توقفت كثيرًا.

منزلٌ لا تزيد قيمته على منزلٍ عادي في حي متواضع… مساحة صغيرة، تصميم بسيط، وأثاث لا يوازي ما يملكه موظف متوسط الدخل.

تساءلت:

كيف يجتمع هذا التواضع مع هذه الثروة؟

وكيف نرى نحن أن الفخامة هي الطريق للهيبة، بينما رجل يملك ثروات دول، اختار أن يسكن في مكان بحجم رغيف هدوء؟
الحقيقة أن السكن لم يكن يومًا للتفاخر… بل للراحة.

ولم يكن معيارًا للرجولة ولا للنجاح… بل ملاذًا للإنسان من ضجيج العالم.

ولعل أخطر ما جلبته “ثقافة المفاخرة” هو أنها جعلت البعض يعيش بدخلٍ مضغوط، وديونٍ قاسية، فقط كي لا يظهر أقل من جاره أو قريبته أو زميله.

صار بعض البيوت جميلة من الخارج… متعبة من الداخل.

بينما الحكمة تقول:

“جمال البيت ليس في مساحته… بل في سكينة من يعيش فيه.”

اليوم… نحن بحاجة لإعادة ترتيب المعادلة:

أن نعود لأصل السكن، لروح الطمأنينة، لبساطة الآباء، ولِبيت تُضاء أنواره بالحب لا بالديكور.

أن نربي أبناءنا على أن قيمتهم ليست في حجم غرفهم… بل في حجم أخلاقهم.

وعندما أعود بذاكرتي لصورة منزل ماسك، أبتسم.

لأنها تقول بصمت:

الثروة لا تُقاس بالحجر… بل بالعقل.

والهيبة لا تُصنع بالواجهات… بل بالمواقف.

والبيوت التي تبقى… هي تلك التي يسكنها السلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى