التعليم

المعلم المتميز .. مطلبٌ للطالب المتميز : وسبيل إلى صناعة وإنتاج التميّز

 

ابتداءَ لنعلم أنَ كلَّ ما نراه أمامَنا من نهضةٍ ونمو وتَقدمٍ يعودُ الفضْلُ فيه بشكلٍ أو بآخرَ إلى المُعلِّمِ ، وإنَّ ما نفخَرُ به من هذه العقولِ الجبَّارةِ ، والأيْدي الماهرةِ المُدَّرَّبةِ التي تَصنعُ وتبْني ،  وتُطبِّبُ وتُداوي ، وتَسوسُ وتقودُ ، وتخترعُ  وتَبتكِرُ ، وتُبدِعُ وترتقي ، كلُّ ذلك يَنْطِقُ بحاله قبلَ مَقالهِ أن مهنة المعلم عامل مشترك في تحقيق كل ذلك. فالمعلم كما قيل هو الجنديُّ المَجهولُ الذي يَفوقُ عطاؤه ما يُدْفَعُ إليهِ من مُقابِل ، وهو الشَّمْعةُ التي تَحْرِقُ نفسَها لتنيرَ الدَّرْبَ للآخَرين ، وهو الدِّيمة المُمْطِرَةُ الَّتي تسقي الزَّرْعَ بمائِها العذبِ المُتدفِّقِ ، وهو النَّحلةُ الَّتي تصنعُ الشَّهْدَ للأمَّةِ جَمعاءَ .

ذلك هو شأن المعلم بصفة عامة , ولكن ماذا لو كان المعلم موهوباً متميزاً , يعطي ويبذل أقصى وأجود ما عنده , يطور من نفسه وأدائه ليلبي احتياجات طلابه لاسيما المتميزين . إنك حين تتقمص شخصية الطالب المتميز الموهوب وتعيش أحلامه وتستطرد في رغباته وتستشعر حجم قدراته وتتلمس قدر إمكاناته ستكون في مقدمة مطالبك وحقوقك المشروعة وجود معلم متميز يلامس ما أنت عليه ويوازي ما تمتلكه من قدرات.

وأنا أكتب هذه الكلمات سأجعل نفسي برهة من الزمن ذلك الطالب المتميز والموهوب. لدي الآن من المخترعات ما هو حديث المحافل العالمية التي شاركت فيها , ها هو اختراعي الذي خدم المعاقين ويسر حياتهم اليومية إنجازٌ يفاخر به بلدي قبل أن أفعل ذلك أنا , وها هو بحثي في مجال الحفاظ على البيئة نال المركز الأول في مسابقة البحوث , وأنا الأول على أقراني في التحصيل الدراسي واختبار القدرات .

حين يقف أمامي معلمي لا أريد منه علماً عادياً , أريده نبعاً من المعارف الغزيرة التي أروي بها عطشي وأسد بها فاقتي . والأهم من ذلك أريده أن يستشعر موهبتي ويقدرها , أريد أن يجعلني دائماً في المكان المناسب , أريده صديقا قريبا مني يثني على ما قدمت وأنجزت , أريده أن يشق لي الطريق لمتابعة التفوق والإنجاز , أريده أن يدفعني دفعاً إلى المشاركة والاحتكاك في المنافسات . أريده أن يتحدث عن إنجازي للآخرين , أريد منه أن يحدث الناس ووالداي بقيمة موهبتي وقدر تميزي لأجد في مجتمعي وفي بيتي من يقدرني ويثمن تميزي … كل ذلك وغيره مطالب مشروعة للطالب المتميز , فالمعلم المتميز مطلب للحفاظ على التميز وتنميته.

لقد أجمع العديد من الخبراء على أن المعلم هو حجر الزاوية الرئيس في إنجاح أي برنامج تعليمي. وعليه فإن معلم الطالب المتميز الموهوب ينبغي أن يكون ذلك المعلم العارف بمفهوم التميز والموهبة , المدرك لما يريده المتميز الموهوب ونريده نحن منه. ينبغي أن يكون ذلك المعلم المعد من خلال دراسة أكاديمية و دورات تأهيلية وتطوير ذاتي يستوعب من خلاله أبعاد تربية المتميزين والموهوبين, لنخرج بمهنة عنوانها “معلمٌ متميز” وأدواتها الفن في إيصال المعلومة والتشويق في عرضها , والقرب من الطالب , وحسن الإنصات , وتلبية الحاجات , ومراعاة الفروق الفردية.

إن نجاح التعليم وتميزه وتميز مخرجاته لا يمكن أن يتم إلا من خلال معلم متميز, وفي ذلك أختم بقول عالم التربية رينزولي (1981م) إذ يقول : “يعد المنهاج من المكونات الأساسية للبرنامج الإثرائي لتعليم الطلبة المتميزين وقد وضعه الخبراء في المركز الثاني بعد المعلم في قائمة العوامل المؤثرة في نجاح برامج تعليم الطلبة المتميزين “. فالمعلم وفق الخبراء أول عوامل نجاح برامج التعليم.

إن المعلم المتميز ليس مطلباً للطالب المتميز فحسب , بل هو أيضاً سبيلٌ لإيجاد طلاب متميزين , سبيلٌ إلى صناعة وإنتاج التميز.

 

تعليق واحد

  1. إن المعلم المتميز ليس مطلبا للطالب المتميز فحسب بل هو أيضا سبيل لإيجاد طلاب متميزين ، سبيل إلى صناعة وإنتاج التميز.

    ما أجمل هذا الكلام أستاذ التميز.. ولا غرو فالمتحدث صنع لنفسه المجد من خلال تميزه

    أنت بحق فخر التربية والتعليم في الشرقية أستاذ علوش وأسأل الله أن يجعلنا يستبشر بحصولك على المعلم الأول عربيا وأنت أهلٌ لذلك
    أخوك / سفر الزهراني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى