الذهب بانتظارك

بقلم | رحاب الزهراني
كان لمندوب مبيعات اسمه «آر. يو. داربي» عمّ مأخوذ بفكرة الذهب إلى حد الهوس، أيام كان الناس يتهافتون على التنقيب عن الأحجار الثمينة، فحزم حقائبه ذات يوم وغادر بيته متجهاً صوب الغرب ليُخرج من باطن الأرض ذاك الكنز الذي سيجعله أحد أثرى الأثرياء حتى آخر العمر.
رغم مشاق السفر، إلا أن العم وصل في النهاية إلى وجهته، وباشر العمل مستعيناً بالآلات اللازمة لاستخراج نفائس الأرض، فاكتشف بعد مرور بضعة أسابيع خاماً لامعاً، مما دعاه إلى إخفاء منجمه الصغير عن أعين المتربصين، والعودة إلى منزله ليخبر أقاربه وجيرانه بما حدث معه، ويطلب معونتهم المادية لتجميع الآلات المناسبة وشحنها إلى حيث يكمن المنجم.
بعد أيام فقط، استُخرجت كمية كبيرة من الخام التي حققت عائدات جيدة، دلت على وجود واحد من أفضل المناجم في ولاية كولورادو، ومع تقدم عملية الحفر، ارتفعت آمال «داربي» وعمه، لكن مفاجأة غير سارة وقعت؛ اختفت طبقة الذهب الخام، ولم تنفع محاولات الحفر المتكررة من الوصول إلى طبقة أخرى.
في نهاية المطاف، قرر الاثنان الانسحاب، وقاما ببيع الآلات لأحد مشتري الخردة نظير مبلغ زهيد، وعادا يجران أذيال الهزيمة إلى حيث يقطنان. غير أن الرجل الذي باعاه لم يكن مجرد شخص ساذج لا يفقه شيئاً، بل كان صاحب رؤية – رغم فقره – قادته لدعوة أحد مهندسي التعدين لإلقاء نظرة على المنجم، فأخبره المهندس بعد بحث وتمحيص أن الرجلين فشلا لأنهما لم يعرفا أن هناك ما يسمى بـ «خطوط الصدع»، وأنهما كانا على بعد 3 أقدام فقط من طبقة الذهب التالية.
باشر رجل «الخردة» الحفر مستعيناً بالآلات التي اشتراها، فعثر على الذهب بالضبط حيث أخبره المهندس، ليحصل على ملايين الدولارات بفضل رغبته الجامحة، واستعانته بالخبراء، وعدم توقفه في منتصف الطريق كما فعل «آر. يو. داربي» وعمه اللذين وصلهما الخبر، فأدركا أنه يمكن تحويل الرغبة إلى ذهب حقيقي، شرط ألا يستسلم المرء بصرف النظر عن التحديات.
صحيح أن «داربي» كان آنذاك شاباً في مقتبل العمر، لكنه تعلم درساً ثميناً لا يُنسى، فعوض خسارته بالعمل في بيع وثائق التأمين على الحياة التي أكسبته الملايين، مدركاً أن الذهب يمكن أن يكون على بضع خطوات من الإنسان، لهذا ظل يردد كل يوم مقولة حكيمة: «أنا توقفت على بعد ثلاث أقدام من الذهب، بيد أنني لن أتوقف إطلاقاً لأن الناس يقولون “لا” حين أطلب منهم شراء التأمين».
كثير من الناس يتخلون عن أحلامهم عند خط البداية، وآخرون يرفعون الراية البيضاء وسط الطريق، أما الناجحون فهم أولئك الذين يكملون المشوار إلى أن يصلوا وجهتهم مهما اعترضتهم العقبات، فيظفرون بالنصر الأكيد والمقام الرفيع.
___________
رحاب الزهراني