العطاء … رجال الأعمال وعتق الرقاب .. بقلم / عطية الزهراني

بقلم / عطية الزهراني
لا يختلف اثنان على أن أعمال الخير تترك أثرًا لا يمحى، فهي الثمرة التي تنضج مهما طال الزمن، وتبقى بصمةً شاهدة على النفوس وسموّ المقاصد.
غير أنّ المشهد يزداد قيمة، ويبلغ ذروته، عندما يكون العطاء في عتق الرقاب، ذلك الفعل الإنساني العميق الذي يجسّد أعلى مراتب التضامن والتكافل الاجتماعي.
وفي هذه الأيام نشاهد مبادراتٍ مشرفة من رجال المال والأعمال في قبائل زهران وغيرها، وقفوا خلالها وقفاتٍ مشرفة مع قضية عتق رقبة السجين عطية بن محمد الزهراني.
هذا الموقف ليس مجرد مساهمة مالية، بل هو إعلان واضح بأن أصالة القبيلة تمتد عبر الزمن، وأن روح التعاون ما تزال حية تنبض في قلوب أهل الخير.
لقد أثبتت هذه المبادرات أن المجتمع — مهما شغلت الناس مشاغل الحياة — لا يزال متماسكًا، يهبّ فورًا لنصرة المحتاج، والوقوف مع الملهوف، ومعالجة القضايا الإنسانية بروح منفتحة ومحبة.
لا بد أن نؤكد أن كثيرًا من رجال الأعمال ينفقون بسخاء بعيدًا عن الأضواء، لا يبتغون إلا وجه الله، ولا يريدون شهرة ولا ذكرًا. هؤلاء يعملون بصمت، تسبقهم أعمالهم قبل أسمائهم، وتحفظهم دعوات الناس قبل صفحات الصحف.
وفي المقابل، هناك من يقتنع مضطرًا بإظهار اسمه — بعد إلحاح من المحيطين — ليس طلبًا للوجاهة أو التصدر، بل تحفيزًا للآخرين، وتشجيعًا لسلسلة الخير أن تتسع، وللقلوب أن تتواصل في دعم مثل هذه القضايا الكبيرة.
إن عتق الرقاب ليس مجرد مبلغ مالي، بل حياة تُعاد إلى مسارها، وأسرة تستعيد ابنها، وأم تنام مطمئنة بعد شهور من القلق والخوف.
هو عمل تُكتب به صحائف، وتُرفع به الدرجات، ويُبارك به الله في المال والعمر.
ومن هذا المنطلق، جاءت مساهمات رجال الأعمال في قضية السجين عطية بن محمد الزهراني، لتؤكد أن الخير ما زال حاضرًا، وأن المجتمع لا يزال بقيمه النبيلة التي توارثها عن الآباء والأجداد.
ختامًا…
إنّنا اليوم أمام نموذج مشرق من التكافل الإنساني والاجتماعي، يجدر بنا نشره والحديث عنه، لا للتفاخر، بل للقول إن العطاء حيّ، وإن مجتمعنا — قبائل ومدنًا — ما زال قادرًا على الوقوف صفًا واحدًا عند أول نداء.
نسأل الله أن يجزي كل من ساهم ودعم وتفاعل خير الجزاء، وأن يكتب لهم الأجر، وأن يعيد هذا الشاب إلى أهله سالمًا غانمًا، وأن يظل الخير ممتدًا بين أبناء هذا الوطن الكريم ونحتفل بعودة عطية إلى أهله.


