الكتاب

الوجه الإيجابي لمرض فيروس كورونا

مما لا شك فيه ان مرض فيروس كورونا يعتبر جائحة عظيمة لا يمكن تجاهلها وسوف يذكرها التاريخ طويلا كما ذكر الأمراض السابقه التي اصابت البشرية وخلفت ضحايا بالآلاف بل بالملايين مثل الانفلونزا الأسبانية وما سبقها من آفات وامراض كثيره كانت مؤذية ومؤثره على البشرية عامة .
ولكن لو نظرنا لهذه الجائحة الحالية مرض كورونا من ناحية أخرى ومن زاوية اعم واشمل وأثرها على كوكب الارض فقد يجد العالم او الباحث ان لهذه الجائحة بعد انحسارها ان شاء الله في القريب العاجل آثار إيجابية كبيره لا يمكن تصورها او تخيلها في هذه اللحظات التي نحن فيها ، فبرغم من انتشار هذا المرض بصوره جنونيه وتسببه في حدوث وفيات كثيره الا انه سوف يكون هناك تبعات مبشره بالخير على معظم دول العالم .
فبتأكيد احوال الدول وظروفها بل العالم كله لن يكون بعد كورونا كقبل الأحوال والظروف السابقة لكورونا ، لا من الناحية الاقتصادية ولا من الناحية الصحية ولا من الناحية الاجتماعية ولا من الناحية البيئية وهذا في نظري سوف يكون اكبر تحول في البشرية الى الأفضل بمشيئة الله .
دعونا ننظر الى العالم قبل جائحة كورونا من الناحية البيئية بتمعن وكيف كان العالم يعاني من التلوث البيئي بشتى أنواعه سواء كان تلوث الهواء او تلوث المياه السطحية او الجوفية او او تلوث الأنهار والبحار ، وكذلك التلوث بالنفايات الصناعية وغير الصناعية والنفايات البلدية كلها هذه الملوثات كانت تحيط بالكره الأرضية وكل العالم كان يعاني من هذه الملوثات طبعًا تختلف شدة هذا الامر من بلد إلى اخر حسب إمكانيات وتقدم دوله على أخرى
وبؤرة التلوث تكون كبيرة في البلدان والدول التي يكون سكانها عددهم كبير جدا مثل الصين والهند وغيرها من الدول ذات التعداد السكاني الكبير وكذلك الدول الفقيرة وذات تعداد سكاني كبير أيضا .
ودعونا نفترض ان الأمم المتحده ممثلة في برنامج الأمم المتحدة للبيئة ( United Nation Environmental Program ) بالاشتراك مع منظمة الصحة العالمية ( World Health Organization ) قاموا بحملة بيئية لتنظيف العالم كله من الملوثات وطلب من كل دوله ان تقوم بهذا الامر وتجبر سكان كل دوله ان يتعاملون مع النفايات والملوثات وان يعتنوا بالنظافة بكافة اشكالها مثل نظافة الابدان والأيدي والشوارع والمباني والمدارس والمستشفيات وأماكن الترفيه والأماكن السياحية وغيرها الكثير من الأماكن التي يرتادها الناس يوميا ، فهل كان احد ان يستجيب لهذا الطلب من الدول ، فالكثير من سكان بعض الدول لا يعرفوا معنى نظافة بل انهم لا يستخدموا الماء الا ما ندر والبعض لا يستخدمون الماء حتى في الحمامات اكرمكم الله والنظافة عندهم آخر شي يفكرون فيه ، فالنفايات منتشره في الشوارع والمباني وحتى المستشفيات والمدارس تجدها مكدسة بالنفايات وفي كل مكان وسوف تتذرع الكثير من الدول بعدم وجود إمكانيات ماليه لديهم للقيام بهذا الامر .
فسبحان الله ، قال تعالى ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ).
فبعد ان انتشر الفساد في الارض وانتشر التلوث في كل مكان تقريبا في العالم أراد الله سبحانه وبحكمة إلهية لا يعلمها الا هو ان ينتشر هذا الفيروس في الارض وان يجبر كل الدول ان تقوم باحترازات واحتياطات كبيره جدا وجندت كل الدول إمكانيتها المالية والتكنولوجية لمحاربة هذا الفيروس الذي من اهم أسباب انتشاره هو عدم النظافة وعدم الاهتمام بالنظافة بشكل عام ، فقامت الدول قاطبة بعمل تنظيف للشوارع والطرقات والمستشفيات والمدارس وكل شبر من الارض فكانت بعض الدول تقوم باستخدام كافة قطاعاتها من الصحية والعسكرية بنظافة المدن والأمان التي يرتادها البشر واجبرت السكان على الاهتمام بالنظافة بشكل عام وهذا كله بسبب فيروس لا يرى بالعين فسبحان الله التي تجلت حكمته وأرادته بان يفيق البشر من غفلتهم ويقلعوا عن بعض الممارسات الكارثية التي أدت الى الدمار الذي ألحقوه بالكوكب الذي يعيشون عليه ، فصارت كل الدول تتسابق بكل ما أعطيت من قوه بعمل الاحتياطات والاحترازات التي سوف تنعكس بإذن الله الى تحسن كبير في المجال الصحي والبيئي والكثير من المجالات التي سوف يكون له اثر في ازدهار ورقي العالم في كل المجالات وسوف يكون للمجال البيئي والصحي مستقبلا كبيرا بإذن الله ، فهذه إرادة الله وسنته في خلقه وهذا تنبيه للبشرية انهم اذا لم يحسنوا عمارة هذه الارض بالحسنى كما ارادها لهم رب العالمين فسوف يسلط عليهم عذابه ولنا عبرة في الأمم السابقه التي بادت ، قال تعالى ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )
والصالحون هم الذين لايفسدون في الارض ، فالتلوث يعتبر ضربًا من الإفساد في الارض .

._________________________________________

د. عبدالعزيز بن حمدان الذبياني،

خبير و مستشار بيئي :

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى