تأمل في كتاب معجزة الصباح

جواهر العامري
الصباح من أفضل وأجمل الأوقات، التي يستطيع الإنسان فيها الإنجاز والعمل والنجاح. وقد وضح لنا حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن البركة في أول النهار؛ ففي حديث «اللهم بارك لأُمتي في بكورها» دلالة واضحة على أن البركة والخير والرزق يكون في بداية الصباح، وحين قرأت كتاب “معجزة الصباح” للكاتب هال إلرود وجدتُ أنّ حديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان سبّاقًا إلى إيراد ما فيه في كلمات مختصرة عميقة واضحة الدلالة لمن يدركها ويعمل بها.
لقد ذكر هال أنه مر بأزمات وصعوبات، وانهارت حياته، وأصيب باكتئاب شديد، وأنه لم يخرج من هذا كله إلا بعد معجزة الصباح، حين غيّر طريقة حياته بالاستيقاظ كل صباح؛ لتنمية ذاته ومعالجة اليأس والانهيار الذي وقع في حياته، حين التزم بالنهوض كل صباح وعمل على إستراتيجية مكونة من ستة نشاطات مهمة ومحفزة للهمة والحيوية؛ ومنها ممارسة الصمت بالصلاة والتأمل، وبالتمارين البدنية، والقراءة والكتابة، وتغيير طريقة التفكير بمحاولة التخلص من الماضي ومخاوفه وعقباته؛ وذلك بالتوكيدات وهي الأهداف والأحلام التي نريد أن نصل إليها ونسعى لتحقيقها؛ أي أننا إذا أردنا أن نحقق هدفًا ما، فعلينا أن نكرر هذا الهدف يوميًّا؛ لأن العقل الباطن له قوة تستطيع تغيير مجرى الأمور إذا آمنتَ وأيقنتَ بها؛ لذلك نرى البعض لا يتغير، ولا يحاول أن يبذل جهده في تغيير نفسه وتطويرها؛ لأن عقله الباطن منحصر في ماضيه ومخاوفه، فهو يرى أنه كلما تقدم ستكون هناك عقبة في طريقه كما كانت بالماضي.
لذلك كان لا بد لكل إنسان يريد التغيير أن يعيد برمجة عقله وتصحيح أفكاره، التي تعيد له التفاؤل والأمل والانطلاق من جديد ومواجهة مخاوفه؛ لأنها بداية النجاح والتغيير. وفي هذا كله تذكرت الحديث القدسي عن ربنا تبارك وتعالى أنه قال: «أنا عند ظنِّ عبدِي بي إنْ ظنَّ خيرًا فلهُ، وإنْ ظنَّ شرًّا فلهُ». فإذا أحسن الإنسان الظن بربه فسيحصل على ما يتمناه بحول الله وقوته، وإذا أساء الظن فمن نفسه ولا يظلم ربك أحدًا؛ فعلينا الانتباه إلى كل ما يجول في عقولنا، ومراجعته وبرمجته للأفضل لحياتنا وأنفسنا. وأهم من هذا كله أن يكون لنا هدف أو أهداف؛ لأن تحديد الهدف في عقولنا وتوكيده كل يوم بالعمل والتحدي والإصرار يساعد في تحقيقه بإذن الله، أما المضي بدون هدف واضح ومحدد فيُدخل الإنسانَ في دائرة القصور التي تجعل يومه كأمسه؛ لا جديد فيه إلا الكسل والتسويف والفراغ، وكلها تدمّر الإنسان دون أن يشعر. والهدف هو ما يجعلنا نستيقظ كل صباح بعد صلاتنا وأذكارنا ووردنا اليومي من القرآن، ننطلق بنشاط وهمة وجد. ومن الأقوال الجميلة التي أستحضرها في هذا السياق قول ماثيو كيلي: «أهم هدف يجب أن نضعه جميعًا نُصب أعيننا هو أن نصبح أفضل نسخة من أنفسنا»، وقول هال: «لا تنسوا: حين تغيّرون عالمكم الداخلي فإنّ عالمكم الخارجي سيتحسن في الوقت ذاته»، وقول جويل أيضًا: «تبدأ الحياة كلّ صباح». ومن هذا كله يتضح أن بداية كل نجاح وتغيير هو بداية نهوضنا كل صباح؛ ففي الصباح تصبح الأهداف والأحلام حقيقة.
كلام جميل
كلام جميل تشكرين عليه