حقوق التصوير بين الحماية القانونية والاستثناءات .. قراءة قانونية مع د. عبداللطيف الخرجي

في ظل التطور التقني المتسارع وانتشار الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الصور ومقاطع الفيديو جزءًا من تفاصيل الحياة اليومية· غير أن هذا الانتشار أفرز تحديات قانونية تتعلق بخصوصية الأفراد وحقوقهم في حماية صورهم من الاستخدام غير المشروع أو النشر دون إذن· ومن هذا المنطلق، حاورت صحيفة جيل اليوم الدكتور عبداللطيف الخرجي، أستاذ القانون في جامعة الأصالة وعضو الجمعية العمومية لجمعية “ابتسام” لمكافحة الاتجار بالأشخاص، لإلقاء الضوء على الأبعاد القانونية والتنظيمية المرتبطة بتصوير الأشخاص ونشر صورهم دون موافقة مسبقة·
أكد الدكتور الخرجي في مستهل حديثه أن النظام السعودي واضح في هذا الشأن، حيث تنص المادة (17) من نظام حماية حقوق المؤلف على لا يحق لمن قام بإنتاج صورة أن ينشر أو يعرض أو يوزع أصل الصورة، أو نسخًا منها دون إذن الأشخاص الذين قام بتصويرهم، أو إذن ورثتهم، وأشار إلى أن هذا الحظر يشمل جميع الوسائط والمنصات، سواء كانت صحفًا، مجلات، أو منصات إلكترونية، مشددًا على أن هذا الفعل يُعد انتهاكًا صريحًا للحق في الخصوصية، ويشكل مخالفة قانونية يعاقب عليها النظام·
ورغم هذا الحظر، أوضح الدكتور الخرجي أن النظام يسمح ببعض الاستثناءات التي يجب فهمها وتطبيقها بحذر· وتشمل هذه الحالات الصور الملتقطة في أماكن أو مناسبات عامة، أو أثناء وقوع حوادث علنية، حيث يُعتبر التصوير حينها توثيقًا عامًا لا ينتهك خصوصية فرد معين· كما أن تصوير الموظفين الرسميين أثناء أداء واجباتهم لا يُعد مخالفًا، ما دام لا يتضمن تشهيرًا أو إساءة· وأضاف أن تصوير الشخصيات العامة والمشهورة يُعد جائزًا في إطار الاستخدام الإعلامي المهني، بشرط عدم تحريف السياق أو الإضرار بالسمعة·
وأشار الدكتور الخرجي إلى أن النظام يسمح باستخدام الصور التي تصرح بها الجهات الرسمية في إطار يخدم المصلحة العامة، مثل الحملات التوعوية أو التغطيات الوطنية، لكن ذلك لا يعني تفويضًا مفتوحًا لأي جهة بالنشر دون ضوابط· وأكد أن تحديد ما إذا كانت الصورة تخدم المصلحة العامة يقع ضمن اختصاص الجهات المختصة، وليس تقدير المصور أو الناشر·
وفي جانب آخر، سلط الدكتور الخرجي الضوء على أهمية حماية الفئات الضعيفة مثل الأطفال وضحايا الانتهاكات أو الاتجار بالبشر، مؤكدًا أن تصوير هذه الفئات أو نشر صورهم دون إذن واضح من أولياء الأمور أو الجهات المختصة يُعد مخالفة جسيمة تستوجب المساءلة القانونية· وأشار إلى أن جمعية “ابتسام”، التي يشارك في عضويتها، تسعى إلى رفع الوعي القانوني والمجتمعي لحماية هذه الفئات من أي إساءة أو استغلال·
وفيما يتعلق بالعقوبات المقررة على من ينتهك هذه الأحكام، أوضح الدكتور الخرجي أن العقوبات قد تشمل الغرامة المالية، وقد تصل إلى السجن في الحالات التي تنطوي على تشهير أو ابتزاز أو إساءة للسمعة· كما أن للمتضرر الحق في المطالبة بالتعويض المدني عن الضرر المعنوي أو المادي الناتج عن استخدام صورته دون إذنه·
واختتم الدكتور عبداللطيف الخرجي تصريحه لـصحيفة “جيل اليوم” بدعوة المجتمع إلى احترام خصوصية الأفراد، والتعامل مع التقنية الحديثة بمسؤولية ووعي قانوني وأخلاقي· وشدد على أن القانون لا يقف في وجه حرية الإعلام أو التوثيق، بل يهدف إلى تنظيمها بما يضمن التوازن بين حرية التعبير وحق الفرد في الخصوصية والكرامة الإنسانية·
بقلم : د. عبداللطيف الخرجي