الكتاب

(عزيزي الطامح1-1) | للكاتب ” محمد المولد “

 

تتعالى أصوات المتحدثين عن الفساد وتنخفض وتكثر نقاشاتهم عنه تارة وتقل تارات و الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلد بلا شك لها صلة في ذلك وغيره، حسب الأولوية في الطرح والأهمية وما إلى ذلك. وعلى ذكر سيء الذكر سأذكره هنا رغم مللي من الحديث عنه ويأسي من زواله أو حتى من تنبؤات مستقبلية تحد منه وتكبح جماحه . أدرك أننا لن نحصي ما قرءناه عنه وما سمعناه، وما كتبناه فيه و ما شاهدناه حتى سئمناه ، ولكن الدافع لطرحه لا مفر منه فالأحداث تتوالى والكوارث تتوالى مع اختلاف الأمكنة والأزمنة ، ونذهب ونعود إلى المصدر والسبب والمسبب وإذا هو الفساد مرة أخرى يفاجئنا بحلة جديدة مكنته من فعل فعلة جديدة.

مع كل هذا وذاك لا أتذكر يوما قرأت فيه عن دهاليز الشركات الكبرى لدينا والرائدة في مجال الصناعة، وبكل ثقة زائدة أقول، بحجم تلك الشركات وضخامتها،هناك وفي أرجائها يعشش الفساد ويستوطن، ولا جدال في أن امتناعنا عن الحديث عنها سواء داخل أسوارها الحصينة أو خارجها ساهم و فاقم في تردي أوضاعها. لا نجرأ على البوح إلا في غرف الشاي الضيقة ومناطق التدخين المنزوية عن المسامع والأنظار،خطواتنا تتعثر بالخجل والحياء في سبيل إصلاح ما يستوجب الإصلاح هذا عن كان لنا خطوات، لا نقوى على إنكار ما يستوجب الإنكار أو صد ما يجب التصدي له، وعلى العكس تماما عند المصائب و الطوام يعلو صوت العتب واللوم والولولة ،حقا إنها المهزلة. ألا يجدر بنا نحن العاملين في مثل هذه الشركات العملاقة إيصال فكرة لغيرنا من العاملين في القطاعات الحكومية ومنهم الكثير من الطامحين للعمل في تلك الشركات لما فيها من مميزات لا تخفى على الجميع ولا ننكرها نحن المستفيدين ولكن بكل تأكيد يخفى عليهم الكثير عن مساوئها وذكرها ليس ترهيبا إنما توضيحا،وأنا بصفتي منتسب لإحداها و بدوري هنا سأخبركم ببعض مما لدي عنها ولكم أن تعتبروها معلومات قد ترقى لنصائح تتضمن فضائح.

*عزيزي الطامح: في بادئ الأمر يجب أن تعي وتدرك أن جميع المبادئ والقيم النبيلة التي تربيت عليها وتتعامل بها في شتى مجالات الحياة إنما هي لباس يجب التزين به لأغراض مستقبلية فقط، أما بالنسبة لقيمتها فهي ليست ذات قيمة هناك وليست عملية بتاتا، بل على العكس قد تجرفك إلى منحدرات في نهايتها حفر مآلك السقوط في إحداها ثم تدفن وتختفي وكأنك لم تكن وبعدها يأتي الدور على من يخلفك، لذلك احرص على أن تضع هذه المبادئ والقيم في بيتك أو على الأقل في سيارتك وإن أردت نصيحتي تخلى عنها تماما كي لا تعاني ويعاني المجتمع من متحولون جدد تتحول مبادئهم على حسب مواقفهم ومسار مصالحهم ، متحولون متجاهلين أن القيم والمبادئ لا تعد كذلك عندما يختبرها الموقف فتتبدل وتتلون بعكس مضامينها،فمضمونها واضح يفرض نفسه ولا يحتاج لنقوش ورتوش.

* عزيزي الطامح: عند قدومك لعالمنا لا تهدر الوقت في التحدث باسم غيرك أو يأخذك الحماس و تنصب نفسك متحدثا في شؤون المصلحة العامة ولا تصدق المتحمسين لك والمتفاعلين معك فهم أول النافرين من حولك وستكتشف لا محالة لماذا انفضوا من حولك إما لجبنهم وهذا أهون عليك من السبب الثاني وهو غدرهم .سابق الزمن واجعل منك أنانيا يسعى لمصلحته الشخصية ولا شيء سواها وأولويتها فوق كل اعتبار إنساني وحيواني حتى،لا تنتظر من ينصفك أو يشهد لك ضع يدك على كل ما ينولك مرادك وافترسه كان من حقك أو لم يكن، فالكل يتربص والكل سيفعل ما تنوي فعله فلا داعي لتأنيب الذات ومحاسبة النفس.

*عزيزي الطامح: علي تذكيرك بأنك ستواجه أناسا وصلوا إلى أقصى ما يحلمون به بالطبع ليس بجدارة بل عن طريق العلاقات والأخذ والهات يمكنك القول بمعجزات، أولئك الأشخاص ستعاني معهم بحكم سلطتهم عليك، أناس لا يريدون تحريك ساكن، سيصدونك فأنت باعتقادهم منبع للمتاعب وتهدد استقرارهم، و حذاري حذاري أن تشاكسهم فلهم أتباع كثر في الأسفل وعلاقات أكثر في الأعلى وبإمكانهم قلب الطاولة عليك متى شاءوا فعليك بالتودد لهم والتلطف معهم ولو على حساب نفسك على أمل أن يحبوك ومن ثم يدللوك.

 

* عزيزي الطامح: تذكر جيدا أن السلطة والمال، والمال والسلطة هما الدافعان الحقيقيان اللذان يجب أن تسعى وتعمل لأجلهما وعند وصولك تأكد أن شعارات التحسين والتطوير إنما هي لكسب الأصوات لا أكثر، لا تشغل نفسك في الاهتمام في الأيدي العاملة والالتفات لمتطلباتهم فهم مصدر إزعاج مستمر قد يشوش على أهدافك لذا عليك التعامل معهم كآلات يجب تغييرها حين تسبب إزعاجا أو تنتهي صلاحيتها ،في النهاية هم عباد مال ومصالح وأنت من تدير كل شيء فلا تقلق.

* عزيزي الطامح: هناك توجه جديد في بعض هذه الشركات لكنه مريب والعياذ بالله مع أن ظاهره لا يستدعي الريبة ،ولا ينصح به في الغالب، ولكن في أسوأ الأحوال يصبح هو طوق النجاة عن البعض ممن يمتلكون الوسامة المفتعلة إن صح التعبير وتصبح وظيفتهم تقديم واجهة للشركات مليئة بالوجوه الوسيمة بعيدا عن كفاءاتهم.

* عزيزي الطامح: أخيرا وليس آخرا بعد كثير عرفته وأكثر لم تعرفه تصور أننا نتقاضى أجور وبدلات أضرار نفسية ومعاناة إنسانية لكنا حتما من أصحاب الملايين……

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى