التغير الديموغرافي .. بقلم | عبدالعزيز الرحيل

في صيف ٢٠٠٢ عندما كان
عمري لم يتجاوز الخمس عشرة عاما ، وأنا من مواليد الشمال الشرقي السعودي ، تلك المنطقة الفتية التى أشرفت على تخطيطها العمراني وتطوير الخدمات الاجتماعية والثقافية فيها شركة التابلاين عندما قدمت في إمكانيتها بالقرن الماضي في منتصف الخمسينيات أن الشركات البترولية والتعدينية التى تملك منظومة قوية ومتينة تبادر في عمل الخدمة الاجتماعية مما له أثر كبير في تحول المجتمع الثقافي والاجتماعي ونقله من مجتمع مدني الى مجتمع ما بعد الصناعي ،وفي هذا أعلى مراحل التمدن والتحضر ،وبناء الانسان على النمط الحقيقي كما قال عالم الاجتماع الفرنسي آلان تورين، وتميزت هذه المنطقة أيضاً في ندرة أرضها لوفرة خام الفوسفات على أرضها التى لم تستثمر من قبل حتى أتى ما يسمى بـ ( وعد الشمال) الوعد الذي أوفى فيه الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمة الله للمنطقة في حين زيارته التاريخية عام ٢٠٠٦ م ، ونجحت شركة معادن في استثماره والمساهمة في حصة كبيرة لتوفير الأمن الغذائي العالمي عندما طورت وأنتجت السماد الزراعي ثنائي أمونيوم الفوسفاتDAP ،لما تعيش عبق المراهقه في بادية الشمال الشرقي ، لن تستغرب أي شي يمر من حولك ، وأن الشاب يولد هنا وهو يحمل ذكاء اجتماعياً مثلما كان الصحابة يرسلون أولادهم للبادية لكي تتكون عندهم ملكة الفطنة وقوة اللهجة وسرعة البديهة التي يتحلى فيها أبناء الصحراء .
قالي لي والدي أن جدتي من جهته هي من أطلقت علي اسمي ، في حين زاد اهتمامي فيها رحمة الله عليها ، بشكل حتى لم يمر يوم إلا وأنا أمامها ، وفي أحد الأيام وأنا أدور وآعبث في بيتنا الصغير لفت انتباهي أن جدتي في حالة بؤس شديد وملل لم أعهده من قبل ، وتكرر علي هذا المشهد ، سألتها عن سبب حزنها بعد إلحاح طويل ، إذ بها تقول شيئا أذهلني ، أنها فقدت أكثر من أربعة أولاد في البادية قبل والدي بل وأتى والدي رعاه الله ولم يسلم من الإصابة في حين صابه مرض شلل الاطفال وهو في سن صغير جداً ، وكان جل كلامها عن ما عصف بالجزيرة في وقتهم من أوبئة وجوائح وأمراض معدية ووراثية ، وأن المأساة كانت عند من سكن الصحراء في منطقة شبة الجزيرة العربية خصوصًا المناطق النائية التى كانت تعاني من ندرة مراكز القطاع الصحي و الحكومي وهذا من أكثر تأخر الدول واعتبرها من دول المناطق النامية وكما يقال “زود الطين بلة ” نقص في وسائل المواصلات خصوصًا المناطق التي تبعد عن المدن الكبيرة أكثر من ١٠٠٠ كيلومترا ، ،وبعد تلك الأيام بعشرات السنين ، مواقف عالقة بالذكرى لا تنسى كانت عيادات الأحياء تدور بطاقمها الطبي البسيط بين البيوت والمباني لكي توصل”اللقاح”مشهد الكثير منا لم ولن ينساه ،
وإذا رجعنا إلى التاريخ الإسلامي وتاريخ الأوبئة نجد أنها لها تاريخ قديم جداً ، حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:،- لا تفنَى أمَّتي إلَّا بالطَّعنِ أو الطَّاعونِ قلتُ يا رسولَ اللهِ هذا الطَّعنُ قد عرفناه فما الطَّاعونُ قال غُدَّةُ كغُدَّةِ البعيرِ المقيمُ بها كالشَّهيدِ والفارُّ منها كالفارِّ من الزَّحفِ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” الطّاعُونُ شهادةٌ لكل مُسلم ” أشهر الطواعين في بلاد العرب عمْواس في زمن الخليفه عمر الخطاب عندما حصد في وقته ِما يقارب الثلاثين ألفا ومنهم من الصحابة أبو عبيدة ابن الجراح وكان أمير الشام ويزيد بن أبي سفيان ومعاذ بن جبل ، كانو في زمنهم لا يملكون إلا قليل من الطرق البسيطة مثل هجر المكان أو المدينة والرحْيل ، عندما نصح عبدالرحمن بن عوف الخليفه عمر بن الخطاب حينما هم لدخول بلاد الشام ، قال له الحديث النبوي ” إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد فلا تقدموا عليه “ مما دعا الخليفة وأصحابه بالرجوع إلى المدينة المنورة حتى انحصر .
وأن الاوبئة حضرت حتى ب العصور الوسطى ما بين 1340-1350 سلب وباء الموت الأسود ثلث سكان أوروبا حتى أنه انتشاره وصل آسيا والشرق الأوسط
و بالرجوع إلى القرن الرابع عشر عندما صعد وباء الدبلي في آسيا الذي سبب كارثة عالمية حيث قتل مالا يقل عن ٢٠٠ مليون شخص وكلها في غضون أربعة سنين وأيضا وباء الجدري الذي أودى بحياة ما لا يقل عن ٥٠ مليون شخص وحتى بعد الحرب العالمية الاولى 1919م ظهرت الإنفلونزا الإسبانية وتسببت أيضا في وفاة ما لا يزيد عن 50 مليون إنسان في مختلف أنحاء العالم ، أما فيروس كورونا الجديدCOVID-19، الذي ظهر أولا في مدينة ووهان بوسط الصين، فقد أصاب حتى الآن أكثر من 11.7 مليون إنسان، وتسبب بوفاة ما يزيد على 541 ألف شخص في مختلف أنحاء العالم ،حتى تدخلت منظومة الصحة العالمية ووضعت الإجراءات الاحترازية التى سوف تسهم في حصر الفايروس بشكل كبير بعدما تحركت جميع مراكز البحوث العالمية للحصول على جرعة الللقاح والحمدلله في وقت وجيز تم ذلك وسارعت حكومة المملكة في أول مصاف الدول بتوفير كميات كبيرة سوف تُعطىٰ حسب الأولوية لجميع السكان من المواطنيين والمقيمين، ،ولا يسعني إلا أن أقول هذا توفيق من ربي في بلد يزخر بحكومة رشيدة كرست جل وقتها لرعاية المواطن والبحث عن جوانب الصحة والبيئة ورغد العيش
وأن المملكة العربية السعودية قضت على معضم الأمراض التى كانت تفتك بالناس عن حين غفلة مثل شلل الأطفال والجدري اللذان كانا آفة على العالم والأمم حيث كان يصاب كل سنة منه أكثر من ألف شخص في الثمانينيات الميلادية الى أن أتى عام ٢٠١٧ م وبعد التطيعمات الطبية نزلت الحالات إلى رقم ضئيل جداً لم يتجاوز الأربع وعشرين حالة ، بل إن المملكة ولله الحمد أعلنت صفر حالة ، ولا شك بأن المملكة وضعت خطط في أعلى المعايير من ضمن رؤية المملكة ٢٠٣٠ تحت قيادة حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله وولي عهده الأمين محمد بن سلمان آل سعود أن الأزمات تصنع الحلول وأن الجائحات تحرك الخلايا النائمة ولا حيث بأن السعودية عضو في منظمة الصحة العالمية ،كما ساهمت المملكة العربية السعودي في عام 2020م بدفع مبلغ 90 مليون دولار عندما تولت رئاسة دول مجلس العشرين G20 لتصدي لجائحة كرونا وساهمت في سد الفجوة التمويلية اللازمة ، وهذا بعض من ما قدمته في خلال الخمس سنوات الماضية ،أن دستور المنظمة العالمية للصحة يدعو إلى التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه وهو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان ، دون تمييز بسبب العنصر أو الدين أو العقيدة أو الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية .
النهضة هي نعمة الله التى بلغت جميع المعمورة والحياه بشكل عام
دمتم بخير وأدام الله صحتكم ……
عبدالعزيز الرحيل ..
الجبيل الصناعية…
كفوا يااستاذ عبدالعزيز،، ابدعت في سرد هذه المقاله الجميله
مقال جميل.!!
بالتوفيق لك اخوي ابو ريتال
أنت الأجمل يا صديقي
مقال جميل جدا ووصف رائع
الى الامام ياصديقي عبدالعزيز
جمال المقال وروعه الوصف يستحق الاشادة ي عزيزي .. كلام لامس جيل عاصر ايام جميلة بوقت مضى بكل احلامه الرائعة
دمت بود بارك الله فيك