أقلام واعدةالمقالات

دَاوُوا أنفسكم بأنفسكم

بقلم/ جواهر العامري

      لقد أنعم الله علينا بنعمة عظيمة جدًا، وأمرنا بالمحافظة عليها، والعناية بها، وهي نعمة الصحة، فقال رسولنا الكريم في ذلك ﷺ: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)، وأمرنا أيضا بسؤال الله العافية فقال ﷺ: (سلوا الله العفو والعافية؛ فإن أحدًا لم يعط بعد اليقين خيرًا من العافية)، فالصحة والعافية من النعم الكبرى والتي تأتي بعد نعمة الأيمان.

     أيها القارئ إن لم نهتم ونعتني بأنفسنا، وإذا كلفناها أكثر من طاقتها، ولم نهتم لما قد يحدث لها، وذلك حين نركض في الحياة؛ لإنجاز أهدافنا، أو محاربة ألآلمها، أو الدفاع عن حقوقنا، وغيرها من مجهدات الحياة، نجد أننا أرهقنا أنفسنا كثير، فأصبحنا نعاني من تراكمات ماضية، وأفكار حاضرة، وتصورات مستقبلية.

      وكل ما تختزنه النفس من ألم يظل بها، إذا لم نتخلص منه بالطرق السليمة والصحيحة، لكن الكثير يجهلها، فلا بد من أن تصل تلك التراكمات إلى الحد الذي يفوق تحمل النفس، فتخرج منه كمرض نفسي أو جسدي، وكما نعلم أن الصحة نعمة وأمانة أمرنا الله بالمحافظة عليها وعدم التفريط بها، وأننا محاسبون على إهمالنا وتفريطنا في هذه النعمة العظيمة، فلقد قال تعالى في كتابه الكريم: ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ).

      لذلك من المهم أن نطيل النظر لدواخلنا؛ لتنقيتها من شوائب الماضي، ومخاوف الحاضر، علينا أن نداوي أنفسنا بأنفسنا؛ لأن هذه النفس أنتم أعلم بمكامن أذاها، قال تعلى: (بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ)، وأنتم القادرون على دوائها، إذا كان داخلك مصر على النسيان والتغيير للأفضل، إذا كان لديكم رغبة قوية في التجاوز والتقدم، ستنتصرون بالدعاء، والإرادة القوية، ستتقدمون وتتغيرون للأفضل، ستزين الحياة في أعينكم؛ مهما حاول المختصون والأقرباء، والأصدقاء تغيركم، لن تتغيروا ما لم تنبع تلك الرغبة والإرادة من أنفسكم؛ لأن النفس لها قوة لا يستطيع حتى الشيطان السيطرة عليها، لكن إذا كانت هذه النفس قوية، نعم قوية. فلقد ذكر ربنا تعالى وقال: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)، وقال تعالى في نفس الإنسان: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)، وقوله: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي)، وقوله: (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ). فالإنسان أخطر ما عليه هي نفسه من شيطانه.

     وحين نجد الخلل والمشكلة علينا أن نبدأ بالإصلاح والعلاج والحل، ولا نجلس مكتوفي الأيدي ننتظر من ينتشلنا من حالنا ووضعنا السيئ المتعب، ولا ننتظر معجزة تأتي لينا من غير جهد أو بذل..

 علينا أن ننظر للأعلى، نعم للأعلى طبقوها الآن، ولكن بيقين، وأعينكم تنظر إلى ما في صدوركم من ألم من تعب من جرح ومن يأس …. وغيرها. ثم قولوا يا الله يا الله بيقين أنه أعلم بما في أنفسكم. بيقين أنه يعلم برغبتكم الملحة في التغيير. بيقين أنه القادر على كل شيء وأنه الرحمن الرحيم اللطيف بعباده والبصير بحالهم، وأنه القادر على تحقيق ما تريدونه وما ترغبون به بحوله وقوته وحسن تدبيره، هذا هو ” اليقين بالله” نتجاوز به كل الصعوبات والعثرات والانكسارات. وأخيرَا أود أن أذكر عبارة للكاتب الشهير ” ستيفن كوفـــــي” في كتابة العادات السبع للناس الأكثر فعالية أن “الاستثمار الأقوى الذي يمكننا تحقيقه هو الاستثمار في أنفسنا، فهي الأداة الوحيدة التي نملكها، والتي من خلالها نتعامل ونساهم في الحياة”.

‫3 تعليقات

  1. مقال في غاية الأهمية، و قد تطرقت الكاتبة وفقها الله لنقاط إن تعاملنا معها فسنحقق الدواء الناجع لأنفسنا في ضل ما يحدث لنا خلال مكابدة هذه الحياة، فالحياة مجبولة على كدر، و قلم سطّر هذه الكلمات يستحق التقدير و الإشادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى