الكتاب

عقلانيوا الجيل الجديد | الكاتبة #غلبه_الأحمري

إن المتأمل في خلق الله لأدم -عليه السلام- يتجلى له أن الميزة الأدميه التي منحه الله -عز و جل- هي العقل والعاطفة ؛فبعقله عرف و فطن حينما أوحى الله له بالأسماء فعرفها وبعاطفته وإرخاء عقله وسمعه لهواه خرج -عليه السلام- من الجنة إلى الأرض ؛فحين تنفصل العاطفه عن العقل تصبح عمياء لا تدرك الطرق ولا تهتدي الى السبل السويه؛ والعقل حين يُلغي العاطفة فأننا سنغرق في عالم من الوحوش تفكر وتطبق بلا ضوابط بشرية و شرعية.
فالفرق بين العاطفة و العقلانيه شعرةً من التناغم والتفاهم والإنصاف وجعل الأمور في نصابها الصحيح وهذا ما يجب علينا التوصل إليه في التعامل مع النشىء الجديد من أجيالنا.
فمجتمعنا المحافظ لا يعجبهم و إنفتاح المجتمعات الأخرى يستفزهم فما يعانيه جيلنا الجديد من اضطراب الهويه بين ما يسمع ويرى كان سبباً واضحاً في أن يكون هناك ثغرة واضحه بين الأجيال السابقة و الجيل الحالي ؛ فصوت العاطفه لا يعجبهم ولا يسترعي أسماعهم فهم جيل العقل .
إن جيل اليوم عقلانيون لا يستقطب انتباههم البكاء و التباكي ولا يغير مفاهيمهم الإستجداء العاطفي فكلماتنا الحزينه و نغمات عواطفنا الرنانه و بعض توسلاتنا الإجتماعية للإلتزام ببعض مظاهر العادات والتقاليد التي يراها معظمهم قوانين بشرية لا أهمية لها و ربما أعلنوا تمردهم على تلك النعرات القبلية و الطائفية فهم يشمئزون منها ويرون أنها تلوث اجتماعي لابد ان نتخلص منها.
أن عقلانيو جيلنا الجديد لا يقنعهم ان نطرح عليهم موضوعاً او قراراً و نقول لهم هذا سيكون موضوع شائك غير قابل للحوار أو النقاش فإنهم لن يستسلموا سيقولوا ارائهم و نقدهم  وربما سخروا منه واستهزأوا به متخذين ذلك طريقاًو منفذاً لإظهار وجهة نظرهم فهم جيل لا يستجيب للقمع ولا للردع بلا سبب .
يستقطبهم النقاش و البحث فعلينا ان نسمع منهم ونمنحهم الفرصة ليقولوا لنا نحن هنا.. لكي نخلع عنهم احساسهم بالغربة بيننا في حين ان أساليب الوجدانيات لن تغير لهم تفكيراً ولن تغير لهم سلوكاً لابد أن نشجعهم على أن يتعلموا الإستقلاليه و ندربهم جيدا ليقولوا آرائهم بوضوح وعقل بعيدا عن الإستهزاء والسخرية وهذا ما بدا واضحاً و جلياً في الآونه الأخيرة ان جميع الموضوعات المتداوله تناقش نقاشاً ساخراً ؛ فقليل جداً من يوضح رأيه بصوته او بطريقة إيجابية فليس هناك موضوعات أو مشاكل أو قضايا يُمنع أن يقال فيها الرأي بوضوح بعيداً عن الثوابت الدينية .
جميعا كمواطنين لنا أراء عقلانية ليس فقط من له حق الكتابة ؛ فحين انتقد بعقل و أطرح حل أفضل بكثير من مقاطع فيديو ساخرة تلغي هوية الرأي و فائدته.
فنحن ملزمون بتوضيح لكل ما يحدث اليوم لأجيال الغد لابد ان يكون لدينا كما وفيراً من الإجابات لأسئلة ستكتب غدا… فحين نتكلم اليوم عن الطائفية و بغضنا لها و كراهيتها سيظهر غداً من سيسأل ماذا فعلتوا لإيقافها؟ لن يسأل عن مشاعرنا؛ التاريخ يكتب الأفعال و إنجازات العقول لا يكتب العاطفه حين تكون عاجزة  لا شأن لأحد بمشاعرنا و عواطفنا نحن بمواجهة عارمة مع جيل عقلانيون يريدون ان يتفقوا معنا منطقيا و واقعيا.
نحن بحاجة ماسه لتوظيف عقولهم و عواطفنا اتجاههم لنكن يدا واحدة ؛ إن إغلاق آفاق النقاش معهم يسد علينا طريق الاستفادة من طاقاتهم العقلية وجعلها كبركان خامل يتقد بداخله و يبدو هادئا مبتسما في ظاهره.
الاختلافات العربية و التباعد و التقارب السياسي و مفهوم بعض الانتماءات الوهمية و تجدد الكثير من المصطلحات و انفتاح العالم على مصراعيه في مواقع التواصل الاجتماعي يحتاج من كبار المجتمع  ان يمسكوا بالعصا من المنتصف فلا ينحازوا عاطفياً ولا ينجروا عقلانياً فعليهم توضيح الأمور وتسميت كل شىء بمسماه الحقيقي ليتعلموا منا الوضوح وان التستر والتهرب وترك هذه الأمور مبهمة لن يحل القضية ولن يجعل جيلنا العقلانيون خاملون .
سنفتح لهم مجال العقول المتجددة ونرحب بالشباب صاحب الهمة والفكرة الغريبه عن تقاليدنا لا عن ديننا فهم الخطوة الأولى لنا في طريق التقدم و الإبتكار والتغيير ، العقل والعاطفة كالجسد و الروح إذا فُقد أحدهم تلاشت قيمة الآخر.

**فاصله**
بكائيات و وجدانيات مجتمعنا لن تغير في قناعاتنا العقلية نحن في عصر ناظرني عقلاً لعقل.

__________________________

                                     كتبه/ غلبة الأحمري

الجبيل اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى