الكتابالمقالات

فئة (على شحم)!!

بقلم | حمد العرق 

توقف فكري قليلاً عند نقطة ما، وترجلت عند أول محطة من (القطار السريع) قطار “التواصل الاجتماعي”، ونظرت للخلف فعادت بي الذكرى لسنوات عديدة عشتها وعاشها الكثير من الطيبين.

قبل عدة سنوات كان مجتمعنا مجتمعاً محافظاً ومقيداً بأمور شتى يحكمها الدين تارة والعادات والتقاليد تاراتٍ أخر.

فكانت القضايا والمسائل الفقهية رغم وضوح الرأي في (بعضها) من الكتاب والسنة إلا أن (بعضها)اليوم أصبح مجال الحكم في حرمتها من عدمه مجالاً للنقاش وأنها جائزة في بعض الحالات ولكن(بشروط).. إلى آخره..

في الحقيقة، لا أريد الخوض كثيراً في هذه الجزئية فلست عالماً ولست حتى من طلاب العلم، لكن سأنظر لجزئية أخرى من منظوري المتواضع لتلك الفترة الذي (يفترض) أن يكون منظور اً للكثيرين من حولي.

قبل عدة سنوات.. كان هناك (مجالس للرجال) وعندما أقول مجالس للرجال،

فأنا لا أقصد المجالس العادية التي يرتادها الشيبان والشباب الآن على حد سواء لشرب القهوة والشاي والسوالف         المليحة واللهو البريء، لا.. فأنا أقصد تلك المجالس التي كان الواحد منها يحكم مجتمعاً كاملاً أو قبيلة كاملة يضم رجالاً مقدمين ومعتبرين يبحثون أمور مجتمعاتهم وقبائلهم ويبت أحكامه في قضاياهم الصغيرة والكبيرة.

فلنجلس أنا وأنت قليلاً في أحد تلك المجالس ولنر ونستمع ما يطرح فيها، ستجد في صدر المجلس شيبان بلحىً بيضاء ثم يليهم رجال كهول خالط البياض لحاهم السوداء ثم شباباً متفاوتين في الأعمار إلى أن نصل إلى طرف المجلس فنجد فئة صغار السن الذين عادة ما يقومون بخدمة الكبار او على الأقل يجلسون دون حراك ويستمعون إلى ما يدور من نقاشات في المجلس.

في أحد النقاشات التي دارت بين الشيبان في المجلس، اختلفت آراؤهم بين مؤيد ومعارض حتى أصبح التوصل إلى قرار مناسب أمراً صعباً، فاستأذن أحد الرجال من (الفئة الثانية) وأذن له، فأدلى برأيه في الموضوع، وفجأة قفز أحد الشباب الصغار وقاطعه، ثم لج المجلس بكلمة مدوية من كبيرالمجلس موجهة لذلك (الغر)..

(على شحم!)..

حل الوجوم والشحوب في وجه ذلك الفتى بعد تلك الكلمة وبعد أن أكلت نظرات – من في المجلس – ماتبقى من وجهه المتساقط.

فلنتوقف عند هذا المشهد تحديداً، فحديثي القادم ليس عن (مصادرة رأي الفتى) وإنما حول جرأة   ذلك الفتى على مقاطعة حديث من هو أكبر سناً منه وأكثر خبرة في الحياة وربما كان أباً له أو عماً أو خالاً فكان يجب عليه – من باب أولى- احترام مداخلته قبل كل شيء.

ذلك الفتى او من يرى نفسه من فئة (على شحم) أصبح يرى أنه مصادر في رأيه وأنه وجوده في المجلس مثل عدمه.

تلك الفئة قبل سنوات كانت قليلة الظهور لأن ظهورها مجازفة بحد ذاتها وتمثل تمرداً غير معهوداً على رجال المجلس الكبار!

إذ كان لابد لذلك الفتى أن يمتثل لقوانين المجلس أو أن يتوارى.

فلنخرج أنا و أنت أيها القارئ الكريم من ذلك المجلس و لندخل إلى أحد المجالس في هذه الأيام سنجد نفس التشكيلة من الفئات العمرية و نفس المواصفات كثيراً.. لكن ماذا استجد؟

الكل -غالباً- ساكتون ومنحنون على جوالاتهم، ولا تسمع غير صوت الفناجيل وما يخرج عفوياً من جوالاتهم.

لكن لحظة! أين فئة (على شحم)! أليس المفروض أن يكونوا موجودين في المجلس؟ بل يفترض أن يقوموا بخدمة شيبانهم بدلاً من هذا العامل البنغالي أو الهندي.

أين ذهبوا؟ نعم.. قد تجد واحداً أو اثنين أو أكثر في نفس المجلس ولكنهم الآن منحنون كذلك على جوالاتهم ولكن هؤلاء القليل ناجون من تصنيف (على شحم)!!

إذن أين اختفت تلك الفئة (المنبوذة)؟ الجواب هم فئة كثيراً ما تجدهم بأجسادهم ولكن قلوبهم شتى مع جوالاتهم ومع وسائل التواصل الاجتماعي وكثيراً منهم قد تصدر (الترند) وأصبح مشهوراً في وسائل التواصل الاجتماعي لأسباب واهية جداً، ومحتوى ركيك غير هادف غالباً.

ولكن لحظة، كيف استطاع فلان وعلان من تلك الفئة الصعود في علياء الشهرة والحصول على الكثير من المشاهدات    وجلب الأموال من الإعلانات وغيرها في فترة وجيزة جداً؟

كيف يتم استقباله الآن في (المجالس) استقبالاً حاراً ثم يلتقط صور (السيلفي) ويتحدث بكل أريحية دون مقاطعة ويمازح هذا وذاك دون اعتبار للفئات العمرية؟

هل اصبحت الشهرة وجمع المال أهم بكثير من القيم والمبادئ و (المراجل) التي كنا نعيشها ونمتثل لمعاييرها؟

والآن.. يتصدر الفئة الكثير من الشباب والكثير من النساء – للأسف- وعلى ذكر النساء فالوضع أدهى وأمر!

وأختم فكرتي بسؤال.. هل نستطيع أن نقف صفاً واحداً علماء ومفكرين وكتاباً ومؤثرين في وجه تلك الفئة لنقول لها مجدداً (على شحم!!)؟

هنا.. استيقظت من تلك الفكرة بعد وصول (إشعار جديد) من (القطار السريع) لأركبه مرة أخرى متجهاً لمحطة أخرى يقف عندها فكري.. أستودعكم الله.

 

_______________

حمد بن علي العرق

‫2 تعليقات

  1. نعم تلك الفئه من مستقبلي كلمه (على شحم) كانو متواجدين في المجتمع على مر العصور وكان هناك ضبط للحوار وقناعه تامه عند اتخاذ القرار ومع تغير نمط الحياه في المجتمعات الحضريه والبدويه السريع قياساً بتغير وتطور المجتمعات في بلدان اخرى اقل منا حظًا في الثراء انحسرت المجالس الحاضره وقل ظبها في الباديه مما فتح المجال لمن ينطبق عليهم (على شحم) لتسيد الموقف والسيطره على المحتمعات واعني بذلك توجيهها فعليا مما ادي بالمجتمع السليم المتماسك الصلب صاحب القرار السليم الى إن يصبح رهينه في ايدي فئه على شحم والسلام

  2. نعم تلك الفئه من مستقبلي كلمه على شحم كانو متواجدين في المجتمع على مر العصور وكان هناك ضبط للحوار وقناعه تامه عند اتخاذ القرار ومع تغير نمط الحياه في المجتمعات الحضريه والبدويه السريع قياساً بتغير وتطور المجتمعات في بلدان اخرى اقل منا حظًا في الثراء انحسرت المجالس الحاضره وقل ظبها في الباديه مما فتح المجال لمن ينطبق عليهم (على شحم) لتسيد الموقف والسيطره على المحتمعات واعني بذلك توجيهها فعليا مما ادي بالمجتمع السليم المتماسك الصلب صاحب القرار السليم الى إن يصبح رهينه في ايدي فئه على شحم والسلام

اترك رداً على جابر العرق إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى