أقلام واعدةالمقالات

     مهارات التعلم الذاتي

بقلم | جواهر العامري

     يشهد العام تغيرات سريعة ومتجددة في المعارف بصورة مستمرة ومتطورة، حتى أصبح من الصعب جداً مواكبة جميع هذه التغيرات السريعة من خلال منظومة التعليم النظامية، مما يحتم علينا أن نعمل على تعليم أنفسنا والبحث عن المعرفة وتعلمها في ظل تحديات الانفجار المعرفي، وهنا يأتي دور التعلم الذاتي ومهاراته الذي يقصد به: رغبة المتعلم الذاتية بتعلم كل ما ينمي قدراته وإمكانياته وينسجم مع ميوله واهتماماته، فيرتقي بشخصيته وثقافته في عدة مجالات معرفية أو مهارية، وسوف أناقش في مقالي هذا أهمية مهارة التعلم الذاتي، وأنواع هذه المهارات، وما الذي يميزها عن غيرها من المهارات في تطوير شخصية المتعلم وإمكانياته.

       تعد مهارات التعلم الذاتي أمراً في غاية الأهمية في العصر الحالي فقد أصبح حصول المتعلم على المعرفة بشتّى مجالاتها، واعتماده على نفسه في تحصيل العلم ضرورة ملحة ومطلب أساسي خصوصاً في مراحل التعليم المختلفة؛ لأنه من خلاله يستطيع تطوير قدراته وإمكانياته، وحل مشكلاته واتخاذ القرارات المناسبة والصحيحة في حياته، والتخطيط  الناجح لمستقبله، وتنمية ذاته والارتقاء بشخصيته من خلال علاقاته الاجتماعية وتواصله مع الأخرين، وما يكتشفه في نفسه من جوانب الإبداع والابتكار التي يكون لها أثر وتأثر في الأخرين، فتكسبه خبرات ذاتية ومهارات متنوعة في مجالات الحياة.

       إن اكتساب مهارات متنوعة في التعلم الذاتي تزيد من دافعية المتعلم في التعلم والبحث عن المعرفة؛ لأنها تكسبه الثقة بالنفس، وتشبع حاجاته واهتماماته وميوله، وتنمي شخصيته، وهذا لا يأتي من مهارة واحدة فقط بل من عدة أنواع من مهارات التعلم الذاتي، كمهارة القراءة والكتابة والبحث والاطلاع، ومهارات التخطيط والتنظيم كتنظيم الوقت وأداء الأعمال والمهام مع تنفيذها وتقويمها والعمل على تحسينها وتطويرها، وكمهارات استخدام الحاسب الألي والشبكة العنكبوتية، ومهارات التواصل والاتصال الاجتماعي بكافة أنواعها، وغيرها من المهارات الذاتية المهمة، ففي ظل مفهوم التعلم الحديث يحتاج المعلمين هذه المهارات المذكورة سابقا؛ للعمل على تحسين عملية التدريس وإتقان المهارات في إدارة الصف وتهيئة الموقف التعليمي والمحتوى بكل ما يطلبه من أنشطة واستراتيجيات، وكل ما يستحدث في مجال تخصصهم، فلا يمكن أن تأتي إليهم هذه المهارات في طبق من ذهب، مالم يتعلموا ويتدربوا عليها ويكتشفونها بأنفسهم، فهي مفتاح النجاح والإبداع والتميز والتطور في وظيفتهم وحياتهم.

       تمتاز مهارات التعلم الذاتي بالاستمرارية فالتعلم الذاتي هو تعلم مدى الحياة، ويختلف عن التعلم الرسمي النظامي المقيد بشروط وأنظمة، ففي التعلم الذاتي يكون المتعلم معلم نفسه ومشرفًا عليها ومقيمًا لها، ويختار ما يشاء من أساليب وأنماط التعلم المناسبة لقدراته، و التي تشبع ميوله واهتماماته، بحيث تكون ممتعة ومحببه لنفسة، وتزيد من دافعيته في الاستزادة للتعلم والإتقان الذاتي، ويتميز أيضا بالوقت المفتوح فلا تقيد فيه يتعلم متى شاء وكيف شاء، وقد ذكر الفليت (2015) أن الفرد في التعلم الذاتي يكتسب مهارات التعلم المستمر معتمدًا على نفسه، وبما يتفق مع معدل سرعته وقدراته، وأن التعلم الذاتي يستجيب للتغيرات والتطورات السريعة المتلاحقة في مجالات المعرفة المختلفة وأنه اتجاه شخصي وأسلوب حياة للفرد في تحقيق ذاته.

     وفي ضوء التطور السريع في المعرفة والتكنولوجيا وغيرها، يجب الاهتمام بتوجيه التعليم الى تنمية مهارات التعلم الذاتي لدى المتعلمين، وغرس فيهم حب المعرفة والبحث عنها، وتنمية مهارات التفكير وحل المشكلات وتحمل المسؤولية في تعليم أنفسهم؛ لأن التعلم الذاتي لهذه المهارات يحقق الاستمرار والنمو الشامل المعرفي والمهني، ويعمل على تطوير ذواتهم وشخصياتهم وتنمية قدراتهم وإبداعاتهم، حتى يصبحوا أفراد فعّالين ومنتجين لمجتمعهم وحياتهم.

‫2 تعليقات

اترك رداً على ورد إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى