أقلام واعدةالمقالات

“صحافة البيانات”.. الوجهة الجديدة للصحافة

فاطمة المطيري

في  ظل  نمو  وتطور  الصحافة  أصبحت  الحاجة  ملحة للالتفات  إلى  قالب  صحفي  جديد  وأكثر  مهنية وشفافية،  بعيدا  عن  نقل  الخبر  دون  جهد  صحفي يعطي  للمؤسسة  الإعلامية  خصوصيتها  في  نقلها للخبر،  خاصة  وأن  الخبر  العاجل  لم  يعد  معيار للمفاضلة  بين  المؤسسات  الإعلامية  نظرا  للواقع  الذي فرضه  الإعلام  الجديد  ومواقع  التواصل  الاجتماعي  في نشر  الخبر وتداوله.

لذلك  لجأت  بعض  المؤسسات  الإعلامية  للانتقال  إلى صحافة  أكثر  عمق،  تتيح  للصحفي  تحمل  مسؤوليات ما  يكتبه،  من  خلال  الوقوف  على  معلومات  وبيانات أبعد  من  الخبر  وتحليلها  للخروج  بنتائج  جديدة،  وهذا ما  يعرف  بصحافة  البيانات،  التي  تعنى  بالبحث  عن البيانات  بمختلف  أشكالها،  والعمل  على  تحليلها والتوصل  إلى  تفسيرات  ملاءمة  لها  ومجردة  من  الآراء الشخصية.

وتتعدد  طرق  الحصول  على  البيانات،  فمنها  ما  يتم بطريقة  مباشرة  من  خلال  المشاهدات  التي  يقوم برصدها  الصحفي  في  عمله  الميداني،  أو  عن  طريق استطلاعات  ومقابلات  شخصية،  ويطلق  على  هذا النوع  “بيانات  أوليه”.  ويمكن  الحصول  على  البيانات من  خلال  محركات  البحث  المختلفة  أو  البحث  في مواقع  إلكترونية  متخصصة،  وتسمى  في  هذه  الحالة ب  “البيانات الثانوية”.

والآن  يولي  الصحافيون  في  العالم  العربي  مزيدا  من الاهتمام  للفرص  التي  توفرها  البيانات  في  الآونة الأخيرة،  ولكن  مع  ذلك  تبقى  المبادرات  لتقديم  محتوى قائم  على  البيانات  قليلة  جدا،  قياسا  بالاهتمام الصاعد  في  أوروبا  وأفريقيا  وأمريكا  اللاتينية،  التي أبدت  اهتمامات  واسعة  حول  البيانات  في  ظل  عصر الاندماج  لتكنولوجيا  المعلومات،  بهدف  تسهيل المعلومات للقراء.

ومن  النماذج  لصحافة  البيانات  في  ولاية  نيفادا الأمريكية  بعنوان  “لا  ضرر  ولا  ضرار”  سلسلة  قدمتها جريدة  لأس  فيقاس  عن  الرعاية  الصحية  في المستشفيات،  حيث  قامت  الجريدة  بتحليل  أكثر  من 2,9  مليون  سجل  من  سجلات  الفواتير  بالمستشفى. أيضا  من  النماذج  “مدونة  بيانات  الجارديان”  التي  تعد المثال  الأشهر  لاستخدام  صحافة  البيانات،  وبدأت من  بيانات الحكومة.

ومن  نماذج  العالم  العربي  موقع  “نون  بوست”  الذي نشر  في  العام  2017  سلسلة  مقالات  بعنوان  “جنرالات الذهب”  ويتيح  المشروع  لأي  باحث  أو  صحفي  الوصول إلى  البيانات  والإضافة  عليها،  وحقق  المشروع  نجاحا  في الاستفادة  من  البيانات.  أيضا  ثمة  مواقع  إلكترونية عربية  تقدم  محتوى  جيدا  في  صحافة  البيانات،  من بينها  إنكيفادا،  وحبر،  إضافة  شبكة  أريج  للصحافة الاستقصائية.

ومن  أهم  الجهود  التي  تبذلها  المملكة  هي  رؤية  2030  لما فيها  من  بيانات  ذات  حجم  ضخم  والتي  لا  تزال  في سياق  التغيير  المجتمعي،  والتأثير  في  الإعلام  الدولي، بل  إن  هيئة  الإحصاء  السعودية  بدأت  العمل  منذ مدة  في  إعادة  صياغة  بياناتها  في  توظيف  الأرقام تحليليا  أكثر  منها  وصفيا،  وبالتالي  لم  تعد  الأرقام تكرارات  ونسبا،  وإنما  تحليل  معمق  لما  هي  عليه المملكة  من  توجهات ومواقف.

ولدينا  اليوم  بعض  المبادرات  في  منصات  جديدة معنية  بصحافة  البيانات  تسعى  لإحداث  تغيير  إيجابي في  الصحافة  بالعالم  العربي  ومن  المرجح  أن  يحدث ذلك  في  المستقبل  القريب،  خاصة  أن  صحافة البيانات  بدأت  تحتل  جزءا  من  المناهج  الأكاديمية  في تخصصات  الصحافة  والإعلام،  وهو  ما  يعني  أن الأجيال  الجديدة  من  الصحفيين  قد  تكون  أقدر  على استخدام  البيانات  في  عملها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى