الجبيل اليومقانون ومحاماة

أثر وباء #كورونا (كوفيد – 19) على الإلتزامات التعاقدية في السعودية

أعلنت منظمة الصحة العالمية تسجيل أول حالة إصابة بهذا الوباء في مدينة وهان بدولة الصين في 31 ديسمبر 2019 م، ولم يقف هذا الوباء ساكناً بدولة الصين بل تخطى الحدود والبلدان وتسارعت وتيرة الأحداث حتى أعلنت أغلب الدول تسجيل حالات إصابة بهذه الوباء.

وقد سجلت المملكة العربية السعودية ظهور أول حالة إصابة بهذا الوباء في 02 مارس 2020 م، وتزايدت الحالات في جميع دول العالم حتى أعلنت منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020 م فيروس كورونا (كوفيد -19) وباءً عالمياً.

وقد بدأت المملكة العربية السعودية في اتخاذ العديد من الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي هذا الوباء والسيطرة عليه بداية من تعليق آداء مناسك العمرة وزيارة المسجد النبوي وتعليق السفر من وإلى بعض الدول وحتى قرار منع التجول الجزئي في ساعات الليل وحتى آخر قرار عند كتابة هذه الأسطر والخاص بمنع التنقل بين مناطق المملكة الثلاثة عشر.

ولا شك أن هذه القرارات لها تأثير على الإلتزامات التعاقدية بين الأطراف أي كانت نوع هذه العلاقة فعلى سبيل المثال تأثرت عقود الإجارة المبرمة مع قاصدي العمرة والزيارة سواء من الداخل أو من الخارج ولم يتمكن الزائرين من الانتفاع بهذه الوحدات، كذلك بالنسبة لعقود النقل والعمل والتوريد، ولهذا كان من الواجب علينا إلقاء الضوء على تأثير هذا الوباء وما تلاه من إجراءات احترازية على الإلتزامات التعاقدية وذلك من خلال إلقاء نظرة مبسطة وسريعة على هذا الموضوع من خلال التالي:

أثر وباء كورونا على العقود بصفة عامة.

تكييف وتوصيف أثر هذا الوباء يتحدد على أساس تأثيره على الإلتزامات التعاقدية فإن كان هذا الأثر مؤداه فقط التأثير الجزئي على المتعاقدين دون استحالة التنفيذ بشكل كامل فإننا إزاء تطبيق لنظرية الظروف الطارئة والتي أنشأها القضاء الإداري لمواجهة الظروف التي لم تكن في الحسبان عند التعاقد والتي من شأنها زيادة الأعباء الملقاة على عاتق الملتزم وشروط تطبيق هذه النظرية أن يكون الشرط أجنبياً عن المتعاقدين وأن تكون هذه الظروف مما لا يمكن توقعه عادة ولم يكن في حسبان المتعاقدين وأن تتجاوز الخسارة حدود الخسارة المألوفة، فاذا انصب التأثير فقط على إرهاق الملتزم في العقد بشكل لم يمنعه من تنفيذ الإلتزام فإن تطبيق نظرية الظروف الطارئة في هذه الحالة هو إعادة التوازن المالي للعقد بأي شكل ما على حسب وقائع كل حادثة فلو كان هناك غرامات تأخير يعفى منها الملتزم أو يتم تعويضه بشكل يساهم بجزء في تحمل هذه الخسارة.

أما إذا كان الأثر الواقع على الملتزم هو استحالة تنفيذ محل التعاقد فإن مرد ذلك هو فسخ التعاقد وتسوية الأوضاع بين طرفي العقد على حسب كل واقعة على حدة في ضوء القواعد الشرعية وبالأخص قاعدة (لا ضرر ولا ضرار).

أثر وباء كورونا على عقود الإجارة والعمل.

تأثرت أغلب الإلتزامات التعاقدية بالإجراءات الإحترازية التي اُتخذت في مواجهة تفشي هذا الوباء ومن أكثر العقود تأثراً هي عقود الإجارة والعمل والتي سنتطرق اليها بشكل موجز من خلال التالي:

عقود الإجارة

وردت إلينا أحد الاستشارات خلال الأيام السابقة أن أحدهم قد استأجر قاعة أفراح لعقد زواج في تاريخ معين وتم الاتفاق مع المؤجر على السعر والوقت وقبيل الموعد المحدد للزواج صدر قرار بتعليق إقامة المناسبات في صالات الأفراح والاستراحات وغيرها  وبذلك لم يتمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة لسبب خارج عن ارادته، وقد رفض المؤجر إرجاع ثمن الأجرة المدفوع مقدماً، وقد أشرنا على المستأجر بأن له الحق في التقدم للجهات القضائية للمطالبة بما دفعه للمؤجر لعدم قدرته بالانتفاع بالعين المؤجرة لأسباب خارجة عن إرادته،

ويوجد مئات الحالات المشابهة وخاصة في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة من قاصديها التي تعاقدوا على استئجار وحدات فندقية ولم يتمكنوا من استغلالها بسبب الإجراءات الاحترازية المتخذة لمجابهة هذا الوباء فلهم خيار فسخ العقد ورد الثمن إذا رغبوا في ذلك.

عقود العمل

كثُر الحديث في هذه الأونة عن مدى إمكانية فسخ عقود العمل طبقاً لما ورد في المادة (74 / 5) من نظام العمل والتي تنص على أنه (ينهي عقد العمل في أي من الأحوال الآتية: ……………….. 5 – القوة القاهرة) ، وذلك في ضوء الإجراءات الاحترازية والتي أثرت على بعض جهات العمل، ولإنزال هذه الوقائع على نص المادة المشار اليه لكي نتمكن من القول بمدى إمكانية انهاء عقود العمل من عدمه يتطلب منا الأمر أولاً تحديد مدى تأثير الإجراء الاحترازي على جهة العمل فهل يعد بالنسبة لها قوة قاهرة أم لا  وخاصة وأن الإجراءات الاحترازية متفاوتة التأثير من جهة إلى أخرى فبعض جهات العمل قد تأثرت بشكل كامل وأخرى تأثرت بشكل جزئي وأخرى لم تتأثر على الإطلاق مثل قطاعات الأدوية والأغذية ، وقد يكون هذا التأثير وقتي على الجهات التي تأثرت بشكل كامل بمعنى أنه لا يستمر لمدة طويلة يمكن توصيفها كقوة قاهرة ، لذلك فإنه من الصعوبة بمكان بالقول في الوقت الراهن بإمكانية تطبيق نص المادة المذكور كسبب لإنهاء عقود العمل.

__________________________

 

شركة حسين آل جعران وحسن القحطاني للمحاماة

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى